السلام من الله، ولهذا كانت وفاتها صدمة شديدة ومؤثرة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهنا بدأت قريش تزيد من إيذائها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام أحد الأشرار بإلقاء التراب على رأسه، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته تغسل عنه التراب وهي تبكي، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبك يا بنيتي، فإن الله مانع أباك".
خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - لدعوة القبائل:
رغم فقد الرسول لنصرة عمه أبي طالب، ورغم فقدان الرسول لخديجة رضي الله عنها زوجته التي شاركته مصائبه ومتاعبه، رغم هذا بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى الله بحماس أكبر ونشاط أعظم، وهكذا حج نبي الله بعد أيام قليلة من مكة واتجه للدعوة في خارج مكة، وكان معه في سفره هذا زيد بن حارثة رضي الله عنه، عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعوة على القبائل التي كانت تسكن بين مكة والطائف، ووصل إلى الطائف راجلا يدعو إلي التوحيد. وكانت تسكنها بنو ثقيف وقد حملها خصوبة أراضيها وبرد روابيها على الغرور الذي فاق الحد، التقى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقادتها وكانوا ثلاثة أخوة هم عبد ياليل، ومسعود وحبيب، ودعاهم إلى الإسلام.
فقال أحدهم: إني أمرط أمام الكعبة إن كان الله أرسلك.
وقال الآخر: ما وجد الله أحدا يرسله غيرك، لا يجد حتى دابة يركبها. إن كان الله مرسل رسولا، أرسله من بين الحكام أو الرؤساء.
وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا. فلئن كنت رسول الله كما تقول فمن الخطر أن أرد كلامك ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا أريد منكم سوى أن تكتموا ما لديكم حتى لا يبلغ بقية القوم فيكون سببا في زللهم.
واستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى الإسلام، وأبلغ هؤلاء عبيدهم وسفهاءهم بما دار بينهم، فراح هؤلاء يلقون الحجارة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سالت الدماء وتجمدت في خفه حتى صعب عليه خلعه من قدميه للوضوء.
ومرة اجتمع عليه السفهاء والأوباش يسبونه ويصيحون به حتى التجأ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حائط لعتبة وشيبة بن ربيعة، ورأوه على هذا الحال فأمرا غلاما لهما يدعى عداس أن