الفصل الخامس
تفصيل أحوال أمهات المؤمنين زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -:
أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله عنها: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية. كان أبوها خويلد من كبار تجار العرب وأشراف قريش. أمها فاطمة بنت زائدة. ينتهي نسبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من لؤي (انظر الرقم التاسع من شجرة نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -) زوجها عمها عمرو بن أسد من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان صداقها ست إبل، وكان عمرها آنذاك أربعين سنة [1] وعمر النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسا وعشرين سنة.
كانت أولا تحت عتيق بن عابد المخزومي [2] فلم تلد منه ولدا، فلما مات تزوجها أبو هالة هند بن النباش التميمي.
هذا أول نكاح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبت إليه خديجة وعرضت نفسها عليه وكان قد انقطع بعد هذا النكاح إلى التحنث والتعبد في غار حراء ومعه قربة من ماء وجراب من سويق. ثم يرجع إلى خديجة فتصنع له سويقا وزادا.
كانت خديجة تلقب في الجاهلية بالطاهرة، وهي أول من أسلمت ولم يسبقها إلى الإسلام رجل ولا امرأة.
ولما ذكر لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي قال لها وهو يفكر في مشكلات النبوة: "لقد خشيت على نفسي" فقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم. وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق [3] ولكي يطمئن قلبها [1] روى الزرقاني عن المغلطائي أن خديجة كانت حينئذ في الثامنة والعشرين من عمرها، وهذه الرواية شاذة. والله أعلم. [2] اختلف المؤرخون هل تزوجها عتيق أولا أم أبو هالة؟ فقال قتادة: كانت خديجة تحت عتيق ثم خلف عليها بعده أبو هالة. وقال الجرجاني: كانت قبل عند أبي هالة. وافق صاحب الاستيعاب على قول الجرجاني. وقد اخترت قول قتادة لأن صاحب الاستيعاب ذكر هندا ربيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا لا يصح إلا إذا كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - معها بعد أبي هالة. [3] صحيح البخاري في باب بدء الوحي (1/ 3) عن عائشة. ليتدبر القراء كيف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان متصفا بالأخلاق الفاضلة حتى قبل بعثته، ثم لينظروا إلى فطنة خديجة وذكائها كيف تعمقت في رؤيتها لفضائل النبي - صلى الله عليه وسلم -.