التقويم الهندي بنفس هذا التاريخ لكسوف الشمس، وكان التاريخ في الهند يومئذ 28 من شوال. ويمكن أن يكون بحساب العرب 29 من شوال، وهذا ما اختاره محمود باشا الفلكي في رسالته "نتائج الأفهام" (طبع في مصر سنة 1305 هـ[ص:10]).
ولما تأكد أن الوفاة كانت في التاسع والعشرين من شوال سنة عشر من الهجرة ينبغي علينا أن نتأمل في رواية عائشة التي رواها البخاري في صحيحه، وفي رواية جابر التي رواها الإمام أحمد في مسنده.
ففي صحيح البخاري: كان عمر إبراهيم وقت وفاته سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا.
وفي المسند: ثمانية عشر كاملا. ونستطيع أن نحدد زمن الولادة بهذه الروايات الصحيحة فإذا حسبنا الأشهر السابقة للأشهر الثمانية عشر، وجدنا شهر جمادي الأولى سنة تسع من الهجرة هو الشهر الذي ولد فيه إبراهيم. وقد تبين بهذا البحث ضعف جميع الروايات التي وردت في عمر إبراهيم وتاريخ ولادته ووفاته.
وروى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أن سورة الكوثر [1] نزلت في حياة إبراهيم. وفي ضوء هذا الحديث نستطيع القول بأن سورة الكوثر تكرر نزولها في المدينة ويمكن أن يكون ذلك وقت وفاة إبراهيم.
وانظروا إلى عظمة النبوة وقت وفاة إبراهيم حيث أخذه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجره وهو يلفظ أنفاسه فلقنه درس التوحيد بقوله: لا نغني عنك شيئا.
وما أعجب ما بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأدلة في الصبر على الموت من أنه أمر صدق ووعد حق وأن الآخر سيلحق بأوله، ثم بين ضعف الإنسان، وقوة الإيمان بالله بإظهار حزنه ورضائه بربه.
وتدبروا كيف تغلب واجبه نحو إصلاح العقيدة على حزنه على الابن الفقيد، فأسرع إلى الناس يخطب فيهم ويعظهم، بينما الآخرون في العادة يحسبون أنفسهم في مثل هذه المصيبة مفجوعين وينوحون ويبكون. [1] فكروا في كلمة الكوثر ثم انظروا إلى فترة ما بين وفاة عبد الله ووفاة إبراهيم، إن هذا يدل على أن الإسلام في هذا الزمن نال كثيرا من الانتشار والرقي والازدهار، كما يدل أيضا على أنه ظهر بعد هذه الفترة في صورة أتم وأكمل. وسيحصل له الكمال إن شاء الله في عالم الآخرة أيضا.