السكوت والكلام:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير السكوت، فلا يتكلم بغير حاجة وكان حلو المنطق، فصيح الكلام، غير متكلف فيه، وكان منطقه يأسر لب السابقين، وشهد له أعداؤه بذلك ويسميه الجاهلون منهم سحرا.
وكان كلامه سلسلا يخلو من أي خلل في معناه ولفظه. وكان مفصلا مبينا يعده العاد، ليس بهذ مسرع لا يحفظ ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام [1].
ضحكه وبكاؤه:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحب الضحك المفرط ولم يكن هو نفسه يضحك، فقد كان جل ضحكه التبسم، وكان يبكي في معظم الأحيان في صلاة التهجد، وأحيانا ما كانت تدمع عيناه لوفاة عزيز، وحين توفي ابنه إبراهيم وهو في الرضاع دمعت عينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يضعه في القبر وقال:
"تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون".
ومرة بكى حين رأى ابن ابنته (زينب) وهو يحتضر فقد جاء في البخاري عن أسامة، أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قعد رفع إليه فأقعده في حجره ونفس الصبي تقعقع، ففاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال سعد، ما هذا يا رسول الله، قال "هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" [2].
ومرة كان ابن مسعود يتلو على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن فلما وصل إلى هذه الآية:
{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كفى - فلما رفع ابن مسعود بصره رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعيناه تدمعان.
= وكذلك فيه ذكر سلع وهو اسم المدينة الطيبة ولا يزال فيها جبل يسمى بهذا الاسم إلى الآن وفي الأصحاح الثالث عشر وصف ذلك المولود بأنه رجل حرب وفي الأصحاح السابع عشر قيل أن الوثنيين يلحقهم منه الخزي والندم، وجميع هذه العلامات لا تصدق على المسيح، بل هي خاصة بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان كعب الأحبار يجعل هذا الموضع خاصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. [1] زاد العاد مجلد 1 [ص:47]. [2] صحيح البخاري عن أسامة بن زيد كتاب الأيمان والنذور 7/ 223، 224.