فوصل إلى بلاد العرب، فقبض عليه أحدهم وباعه إلى أحد اليهود، وبعد تنقله من مذهب إلى آخر، وبعد أن مر على عشرة مذاهب دخل في اليهودية. وكان اليهودي الذي أقام عنده سلمان كثيرا ما يذكر له أوصاف النبي الذي سيظهر قريبا.
ولما رأى سلمان النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، عرفه من خلال العلامات والآثار والأخبار التي سمعها من سيده، فأعلن إسلامه وسمى باكورة ثمار بلاد فارس.
تحويل القبلة:
كان من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوافق أهل الكتاب في الأمور التي لم يؤمر فيها بأمر من الله تعالى [1].
وكانت الصلاة قد فرضت في أول النبوة، ولكن لم يرد حكم يتعلق بالقبلة، ولهذا اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت المقدس قبلة طوال إقامته بمكة لثلاثة عشرة سنة، وعمل بهذا أيضا حين وصل إلى المدينة، إلا أنه في العام الثاني للهجرة أو بعد سبعة عشر شهرا [2] أنزل الله تعالى في هذا حكما، وكان هذا الحكم موافقا لرغبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرغب من كل قلبه أن تكون قبلة المسلمين ذلك المسجد الذي بناه إبراهيم عليه السلام والذي أطلق عليه الكعبة لأن مبناه مكعب الشكل وقد سمى ببيت الله نظرا لأنه بني لعبادة الله فقط وسمى بالمسجد الحرام لعظمته وحرمته، والحكم الذي أنزله الله تعالى في القرآن يتضمن ما يلي:
1 - أن لله نسبة في جميع الجهات على حد سواء {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}.
2 - وأن اتخاذ جهة من الجهات للعبادة معروف لدى جميع البشر {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}.
3 - وأن التوجه إلى جهة ما لاصلة له بأصل العبادة {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب}.
4 - وأن الهدف الأساسي من تحديد القبلة هو وضع علامة مميزة لأتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - {لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}. [1] عن ابن عباس رضي الله عنهما في تيسير الأصول ج 1 باب المسلم والفرق. [2] ابن خلدون ج 2 [ص:19].