وكان الصحابة أيضا ينقلون الحجارة ويرتجزون هذا الشعر:
لئن جلسنا والرسول يعمل ... لذاك منا العمل المضلل
وكان ارتفاع المسجد الذي بنيت جدرانه من الطين اللبن ثلاثة أذرع، وكانت أعمدته جذوع النخيل وسقفه من السعف.
وقال الصحابة ألا نسقفه؟ فقال النبي: لا، هكذا أفضل كعريش موسى [1].
وكان السقف إذا نزل المطر يتقطر منه الماء فيسقط الطين على أرضية المسجد، وكان المسلمون المؤمنون بربهم يسجدون فوق هذا الوحل [2].
إسلام عبد الله بن سلام (سنة [1]هـ):
كان عبد الله من أحبار اليهود، يرتبط نسبه بيوسف الصديق، سمع وعظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول:
(يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام) فثبتت هذه الكلمات في قلبه فأضاء بنور الإيمان وفكر في أحوال النبي فوجد أن أخبار كتب الأنبياء السابقين تنطبق على ذاته المباركة، فحضر إلى النبي، وعرض بعض القضايا الصعبة التي كان يظن أنه لا يستطيع حلها سوى نبي الله وحين سمع الإجابة الصحيحة من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله لقد جئت مسلما مؤمنا ولكني أريد قبل أن أعلن إسلامي أن تدعو قومي وتسألهم رأيهم عني، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أكابر اليهود، واختفى عبد الله بن سلام، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - القوم، أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ فقالوا: [1] زاد المعاد 1/ 308 [2] لم يحدث أبو بكر الصديق شيئا في المسجد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام عمر الفاروق رضي الله عنه فضم إليه بيت العباس، وقد وهب العباس داره للمسجد، أما عثمان الغني رضي الله عنه فقد بناه بالحجارة وجعل أعمدته من الحجارة وسقفه من الساج، (البخاري باب بنيان المسجد) وجعل أرضيته من حصباء العقيق. وأول من اتخذ فيه المقصورة مروان بن الحكم في عهده وجصص عليها، وقام الوليد ابن عبد الملك في عهد إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة بإعادة بناء المسجد من جديد، وأرسل من الروم والقبط من مصر والشام ثمانين مهندسا، وكان البناء من حجر الرمر، وزاد على البناء السابق قليلا، واكتمل سنة 7هـ أو 88هـ وقام المهدي العباسي بزيادة مساحة المسجد.