{يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} (الحجرات: 17).
ثم سأل هؤلاء الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العيافة والكهانه وضرب الحصى وغيرها، فنهاهم رسول الله عن ذلك كله، فقالوا: يا رسول الله أرأيت خصلة بقيت؟ قال وما هي: قالوا الخط (أي الرمل) قال، علمه الناس نبي من الأنبياء، فمن صادف مثل علمه علم فهو بلا شك علم.
وفد بهراء:
قدم هؤلاء القوم إلى المدينة، فأناخوا رواحلهم أمام بيت المقداد رضي الله عنه فهيأ لهم الطعام وحمله إليهم ورحب بهم، وضع أمامهم المقداد جفنة من حيس، وبعث المقداد بعض هذا الطعام للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأصاب منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ردها إلى المقداد [1] فأكل منها الضيوف ما أقاموا، فتحير القوم وقالوا: "إنك لتنهلنا من أحب الطعام إلينا، وما كنا نقدر عليه كل يوم وقد ذكر لنا أن الطعام في بلادكم هو العلقة أو نحوه".
فأخبرهم المقداد أن هذا من بركة أصابع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أكل منها النبي - صلى الله عليه وسلم - وردها، فقال القوم بعد أن سمعوا هذا الكلام: نشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وازدادوا إيمانا ويقينا. أقام الوفد بالمدينة فترة فتعلموا القرآن الكريم وأحكام الإسلام ثم رجعوا.
وفد عذرة:
في شهر صفر من السنة التاسعة للهجرة حضر وفد عذرة المكون من تسع عشرة رجل وكان فيهم جمرة بن النعمان، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: من القوم؟ فقالوا نحن بنو عذرة إخوة قصي (لأمه) نحن الذين عضدوا قصيا، وأزاحوا من مكة خزاعة وبني بكر، ولهذا فلنا قرابات وأرحام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مرحبا بكم وأهلا.
وقد بشرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتح الشام وهروب هرقل، ثم نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سؤال الكهنة وعن القرابين التي كانوا يقدمونها، وأن ما عليهم إلا أضحية عيد الأضحى، وأقام [1] زاد المعاد 3/ 654.
المقداد بن عمرو بن ثعلبة من كندة وهو لهذا التبني أطلق عليه اسم القرشي الزهري، كان من نجباء الرسول وفضلاء الصحابة ومات سنة خمس وثلاثين للهجرة عن سبعين سنة ودفن بالمدينة.