فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد حرم الخمر، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة: 95).
وفي اليوم التالي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن الربة (وهي مؤنث رب وكان صنما يعبد) فقال - صلى الله عليه وسلم -: أهدمها.
فقال الوفد الذين معه، هيهات لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها، لقتلتنا جميعا.
قال عمر بن الخطاب: ويحك يا ابن عبد ياليل، ألا تفهم أنها حجر.
فنهض ابن عبد ياليل وقال: إنا لم نأتك يا عمر، ثم قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليتولى الرسل هدمها لأننا لن نهدمها أبدا - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها.
وقال أحدهم، أرسله بعد انصرافنا ولا يذهب معنا [1].
وأسلم كل من حضر في الوفد، وعادوا إلى وطنهم، وفي طريق العودة رأوا أن يعينوا لأنفسهم إماما من بينهم فأمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان أصغرهم عمرا، كما أنه كان يدرس القرآن الكريم وأحكام الشريعة سرا منذ فترة، فكان يتعلم من النبي حينا ومن أبي بكر الصديق حينا آخر، وقد عينه النبي - صلى الله عليه وسلم - إماما لهم.
وفي الطريق تشاور الوفد ورأو إخفاء إسلامهم إذ يجب أن يصاب القوم باليأس أولا، فلما وصلوا إلى وطنهم، سألهم القوم: ما وراءكم؟
فقال الوفد: إننا جئنا من عند رجل لا يعرف إلا إصدار الأحكام ولم نر له مثيلا في ذلك فهو مثلا يأمر بهدم اللات والعزى، ويحرم الربا، والخمر والزنا.
فأقسم القوم وقالوا، لسنا على استعداد لقبول هذه الأمور.
فقال الوفد، إذن أعدوا سلاحكم وتأهبوا للقتال، ورمموا قلاعكم، فمكثت ثقيف على هذا يومين أو ثلاثة، وفي اليوم التالي بدأت ثقيف تقول: هل سيمكننا قتال محمد؟ [1] ويفهم أن عبد ياليل الذي كان الحاكم العام للطائف كان شخصا ذكيا فكان يوجه في الظاهر اعتراضاته وأسئلته حتى لا يكون هدفا لنقد الجاهلية من قومه، وحتى لا يقول هؤلاء القوم أنه أسلم دون مناقشة وبحث، وبالطبع هذا هو أفضل أسلوب لتفهيم الجهلة.