وحماس وذوق ونشاط.
وذات مرة قال عمر الفاروق: إن الناس يصلون وهذا الأعرابي يرفع صوته لدرجة أنة يشوش عليهم في القراءة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عمر، لا تقل له شيئا، لقد جاء تاركا كل شيء في سبيل الله ورسوله.
وجاء عبد الله إلى رسول الله أثناء الاستعداد لغزوة تبوك وقال له: ادع لي أن أفوز بالشهادة في سبيل الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهب فأحضر قشرة من شجرة، وحين عاد عبد الله بالقشرة، ربطها النبي - صلى الله عليه وسلم - على عضده وقال: اللهم أحرم دمه على الكفار" فقال عبد الله، إني أطلب الشهادة يا رسول الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حين خرجت بنية الغزوة، وأصبت بالحمى فمت فأنت شهيد.
وهكذا حدث ما قاله الرسول، فحين وصل عبد الله إلى تبوك أصيب بالحمى وانتقل إلى رحمة الله، قال بلال بن الحارث المزني، لقد رأيت دفن عبد الله. كان الوقت ليلا، وكان في يد بلال مصباح وأبو بكر وعمر كانا يضعان جسده في اللحد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد نزل القبر وهو يقول: أدبا إلى أخيكما" ثم وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبنة بيديه على القبر ودعا له قائلا:
"اللهم إني أمسيت راضيا عنه فارض عنه" [1].
قال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة.
ووصل النبي - صلى الله عليه وسلم - سالما إلى المدينة قادما من تبوك وندم المنافقون الذين ظنوا أن محمدا وأصحابه سيؤسرون وينفون إلى جزيرة بعيدة، ولن يصلوا إلى المدينة سالمين، فجاءوا يعتذرون عن عدم خروجهم معه وقد اختلقوا الأعذار، فعفا عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان ثلاثة من الصحابة المخلصين لم يشتركوا في الذهاب مع النبي نظرا لضعف عادي أو تكاسل منهم، وهؤلاء تعرضوا لامتحان بسبب صدقهم. ومن بينهم صحابي كبير أرى
= الشريعة، ولذلك عرفوا بأهل الصفة في الإسلام، وقد تحمل هؤلاء بلاء الجوع والظمأ وآلام الحر والبرد، ولكنهم لم ينصرفوا عن دروس القرآن الكريم وتعليم الإسلام، ومن هؤلاء كان يتم إعداد الدعاة الذين يذهبون لنشر الإسلام في مختلف أرجاء العالم، ومنهم أبو هريرة الذي حفظ آلاف الأحاديث النبوية وبلغ دين الله، انظر كتابنا، سبيل الرشاد أي الرحلة الحجازية. [1] ابن هشام 2/ 527 مدارج النبوة 2/ 423.