بالمدينة عن مقتل هؤلاء الصحابة وعن مصير الحرب وبعد الحرب لقب خالد بن الوليد بسيف الله [1].
سفر تبوك [2] رجب 9 هـ:
في رجب سنة تسع من الهجرة قدمت قافلة من الشام وأعلنت أن جيش قيصر يعد العدة للهجوم على المدينة ومعه من قبائل العرب النصرانية لخم وجذام وعاملة وغسان وغيرها وكأنهم يريدون الانتقام من الهزيمة التي لحقتهم في مؤتة، لحقت بعامل القيصر وبجيش القيصر.
ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من المناسب أن يلقى الجيش المهاجم قبل أن يدخل أرض العرب حتى لا يضطرب الأمن الداخلي للبلاد. وكانت هذه المواجهة مع إمبراطورية تحكم نصف الدنيا، وكان جيشها قد فرغ مؤخرا من هزيمة جيش الإمبراطورية الإيرانية وكان المسلمون يفتقدون إلى العدة والعتاد، وكان السفر طويلا، وكان فصل الصيف الحار والثمار قد طابت وأينعت والناس قد تعودوا الجلوس في ظلال أشجارهم يأكلون ثمارها.
أعد رسول الله فهرسا لجمع الأموال لتجهيز الجيش. فتبرع عثمان بن عفان بتسعمائة بعير ومائة فرس وألف دينار ونال لقب: "مجهز جيش العسرة" - وقدم عبد الرحمن بن عوف أربعين ألف درهم، وأتى عمر بن الخطاب بنصف ما عنده في البيت من أثاث ومال وبلغ ثمنها عدة آلاف دينار، أما أبو بكر الصديق فرغم أن ما قدمه كان يبدو قليل القيمة إلا أنه قدم كل ما في بيته ولم يترك لبيته سوى "حب الله والرسول".
وقدم أبو عقيل الأنصاري صاعا من التمر، وقال: سقيت طول الليل زرعا بصاعين من تمر، فتركت صاعا للعيال وأتيت بصاع في سبيل الله، فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -؛ أنثروه على جميع الأمتعة الثمينة. وهكذا قدم كل صحابي ما يملك بإخلاص وسعة قلب، ولم يتخلف سوى 82 رجلا من المسلمين الأعراب بقوا في بيوتهم مختلقين بعض الأعذار، وكان عبد الله بن أبي بن سلول المنافق الأكبر قد طمأن هؤلاء، فقال لهم: إن محمدا وأصحابه لن يتمكنوا من العودة لأن قيصر سيقبض عليهم ويرسلهم إلى بلاد متفرقة. [1] البخاري عن قيس بن أبي حازم. [2] لأن حربا حقيقية لم تحدث لهذا سميتها خروجا للقتال أو سفرا والمؤرخون يسمونها غزوة تبوك لأنها كانت سفرا بهدف الدفاع العسكري.