مقارنة بين حب النفس وحب الرسول:
قام أحد الظالمين القساة بضرب خبيب في كبده وسأله: قل أتحب أن محمدا عندنا الآن نضرب عنقه وأنت في أهلك، فأجاب خبيب في حماس، يعلم الله ما أحب أن محمدا الآن تصيبه شوكة في قدمه وأنا أنجو بنفسي [1] وانطلق العبد الصالح وفتى الفتيان ينشد هذه الأبيات على البديهة وهو في مقتله تحت الصليب ووسط جموع المتفرجين وهي تصور بصدق ذلك المشهد العظيم وتبين مدى صدق إيمان الصحابي الجليل خبيب ومدى حبه للإسلام.
لقد جمع [2] الأحزاب حولي وألبوا ... قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدي العداوة جاهد ... علي لأني في وثاق بمصيع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم ... وقربت من جذع طويل ممنع
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما يراد بي ... فقد بضعوا لحمي وقد يئس مطعمي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
وقدخيروني الكفر والموت دونه ... وقد هملت عينا لي من غير مجزع
وما بي حذر الموت إني لميت ... ولكن حذاري حجم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي شق كان في الله مصرعي
فلست بمبد للعدو تخشعا ... ولا جزعا إني إلى الله مرجعي
وكان آخر كلام خبيب هذا الدعاء اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا. [1] الطبري 2/ 542، وابن هشام 2/ 172، وزاد المعاد 3/ 245. [2] نقلا عن سيرة ابن هشام مجلد 2 [ص:173]، وزاد المعاد 3/ 245 ويوجد اختلاف في الكلمات في الصدرين كما ورد في الصحيحين البيت 9 و 6 مع اختلاف في بعض الكلمات، ولم يرد البيتان الثاني والخامس في زاد المعاد.