قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فالحمد لله الذي هداني للإسلام.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة: فقهوا أخاكم في الدين، وأقرءوه وعلموه القرآن وأطلقوا له ابنه.
فقال عمير: يا رسول الله إني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعو الناس إلى الإسلام، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.
وكان صفوان حين خرج عمير إلى المدينة يقول لقريش: أبشروا بوقعة تأتيكم في أيام تنسيكم صدمة بدر، فلما عرف صفوان خبر إسلام عمير صدم صدمة كبيرة وأقسم ألا يكلمه أبدا ما دام حيا، وألا ينفعه بنفع أبدا [1].
وقدم عمير مكة وراح يدعو للإسلام. وأسلم على يده عدد كبير من الناس.
هجوم قريش الثالث وغزوة السويق أو قرقرة الكدر (السبت 7 شوال سنة 3 هـ):
بعد هزيمة بدر أقسم أبو سفيان بن حرب ألا يغتسل أو يتطهر، حتى ينتقم من المسلمين، وهكذا خرج في مائتي من مكة، وحين وصل بالقرب من المدينة، دخل في جنح الظلام وحده إلى المدينة والتقى بسلام بن مشكم اليهودي وشاوره في الأمر، ويبدو أنهما اتفقا على أن الوقت غير مناسب للمواجهة ولهذا خرج أبو سفيان في عقب ليلته، فأشعل النار في أشجار المسلمين المثمرة وفي نخيلهم وقتل مسلما مع حليفه وعاد.
وبعد انتشار الخبر تابعهم المسلمون حتى قرقرة الكدر ولهذا سميت هذه الغزوة باسم قرقرة الكدر، وقد رجع المسلمون وقد فاتهم أبو سفيان وأصحابه وقد رأوا من مزاود القوم قد طرحوه في الحرث يتخففون منه للنجاة ولذلك سميت غزوة السويق [2].
هجوم قريش الرابع (غزوة أحد):
وفي العام التالي هاجمت قريش من جديد المدينة، وفي هذه المرة قامت قريش بجمع الأموال والتبرعات من عموم الناس، وكان الشاعر أبو عزة الجمحي يجوب تهامة [1] وقد أسلم صفوان أيضا بعد عام 8 للهجرة وقد عرف بعدائه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان من رؤساء مكة المشهورين. [2] ابن هشام 2/ 44، تاريخ الطبري 3/ 15.