responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صحيح السيرة النبوية المؤلف : العلي الشبلي، إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 487
فما هي بالأرض التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا [1] وقعدا في بيوتهما يبكيان. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم [2]. فكنت أخرج، فأشهد الصلاة، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد. وآتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي! هل حرك شفتيه برد السلام، أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه، وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني.
حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت [3] جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي. فسلمت عليه. فوالله! ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله [4] هل تعلم أني أحب الله ورسوله؟ قال: فسكت. فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته. فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت، حتى تسورت الجدار.
فبينما أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطي من نبط أهل الشام [5]، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك قال: فطفق الناس يشيرون له إليّ. حتى جاءني فدفع إلي كتابًا من ملك غسان. وكنت كاتبًا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة [6]، فالحق بنا نواسك. قال: فقلت: حين قرأتها وهذه أيضًا من البلاء. فتايممت [7] بها التنور، فسجرتها [8] بها.
حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي [9]، إذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك)، قال:

[1] استكانا: خضعا.
[2] أشب القوم وأجلدهم: أي أصغرهم سنًّا وأقواهم.
[3] حتى تسورت: علوت وصعدت السور وهو أعلاه.
[4] أنشدك بالله: أسألك بالله.
[5] نبطي من أهل الشام: فلاحو العجم.
[6] مضيعة: يعني أنك لست بأرض يضيع فيها حقك.
[7] فتايممت: تيممت: قصدت.
[8] فسجرتها: أحرقتها.
[9] واستلبث الوحي: أبطأ.
اسم الکتاب : صحيح السيرة النبوية المؤلف : العلي الشبلي، إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 487
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست