اسم الکتاب : صحيح السيرة النبوية المؤلف : العلي الشبلي، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 442
من الأرض، فرمى بها وجوههم، وقال: (ارجعوا شاهت الوجوه)، فما من أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو القذى، ويمسح عينيه" [1].
696 - ومن حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنينًا، فلما واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية، فأستقبل رجلًا من العدو، فأرميه بسهم وتوارى عني، فما دريت ما صنع.
ثم نظرت إلى القوم، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فولى صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرجع منهزمًا وعلي بردتان مؤتزرًا بإحداهما، مرتديًا بالأخرى، قال: فاستطلق إزاري [2]، فجمعتها جمعًا، ومررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهزمًا [3] وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لقد رأى ابن الأكوع فزعًا).
فلما غشوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: (شاهت الوجوه) [4] فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين فهزمهم الله، وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائمهم بين المسلمين" [5].
قلت: جاء في الأحاديث السابقة أنه - صلى الله عليه وسلم - قد تناول كفًّا من تراب أو حصى، ورمى بها المشركين، وقد جاء من حديث ابن مسعود، فيما مضى أيضًا أنه طلب منه أن يناوله كفًّا من التراب فرمى به المشركين، ومن حديث ابن عباس أنه طلب من علي أن يناوله التراب، فرمى به المشركين، ويجمع بين هذه الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أولًا قال لصاحبه ناولني، فناوله، فرماهم، ثم نزل عن البغلة، فأخذ [1] أخرجه الطبراني في الكبير: 22/ 237، رقم: 622، والبخاري في التاريخ الكبير: 4/ 2 / 316، المطالب العالية: 4372، وعزاه إلى عبد بن حميد، وسكت عنه البوصيري، وقال الهيثمي في المجمع: 6/ 182 - 183: رواه الطبراني، ورجاله ثقات. [2] فاستطلق إزاري: انحل لاستعجالي. [3] منهزمًا: قال العلماء: قول منهزمًا، حال من ابن الأكوع، كما صرح أولًا بانهزامه، ولم يرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انهزم وقد قالت: الصحابة كلهم رضي الله عنهم: إنه - صلى الله عليه وسلم - ما انهزم، ولم يقل أحد قط أنه انهزم في موطن من المواطن، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز ذلك عليه. [4] شاهت الوجوه: أي قبحت. [5] أخرجه مسلم في باب غزوة حنين حديث رقم: 1777.
اسم الکتاب : صحيح السيرة النبوية المؤلف : العلي الشبلي، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 442