الفصل الثاني: دخول المسجد الحرام، وتحطيم الأصنام المبحث الأول: دخول المسجد الحرام، وتحطيم الأصنام
بعد إكمال السيطرة على مكة، والتقاء القادة بعامة جنودهم؛ حيث كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - معسكِراً هناك، وقد تحرّكوا نحو المسجد الحرام، ووصلوا الحجون، ومن هناك توجّهوا صوب الكعبة لإنهاء الوجود الوثني، وبرؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكعبة كبّروا عدة تكبيرات ارتجَّت لها مكة، ثم سكتوا بإشارة من الرسول الكريم [1] - صلى الله عليه وسلم -. [1] عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، وحول الكعبة ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]. {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. أخرجه البخاري، في المغازي، باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح، وفي المظالم، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر، أو تخرق الزقاق، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}، ومسلم، برقم 1781 في الجهاد، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة، والترمذي، برقم 3137 في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل.
شرح الغريب:
* (نُصُب) النصب بضم الصاد وسكونها: الصنم، وجمعها أنصاب. [جامع الأصول، 8/ 377].
وعن جابر بن عبد الله رَضْيَ اللَّهُ عنْهمَا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء، أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى محيت كل صورة فيها، [أخرجه أبو داود، برقم 4156 في اللباس، باب في الصور، وإسناده حسن].
قال في بذل المجهود: والظاهر أن ما أمره - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب كان مختصّاً بما نقش من الصور في الجدران، فأمره بمحوها، وأما الأصنام وذي الأجرام منها فبقيت فيها حتى دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، فأزالها بنفسه، كما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخلها وفيها ثلاثمائة وستون نصباً، فيطعن فيها ويقول: جاء الحق، وزهق الباطل.