اسم الکتاب : ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية المؤلف : العوشن، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 89
وبعض الرواة يهم في هذا ويقول: إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة، وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام، لايراها القادم من مكة إلى المدينة، ولايمر بها إلا إذا توجّه للشام .. ([7]) ".
وجاء سبب تسمية ثنية الوداع بذلك وأنها من جهة تبوك في حادثة أخرى، في تحريم نكاح المتعة. قال الحافظ ابن حجر: "وأخرجه الحازمي من حديث جابر، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك، حتى إذا كناّ عند العقبة مما يلي الشام جاءت نسوة كناّ تمتعنا بهن يطفن برحالنا، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك له، فغضب وقام خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه، ونهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذ فسميت ثنية الوداع ([8]) ". والحديث "لا يصح فإنه من طريق عباد بن كثير، وهو متروك ([9]) ".
قال الشيخ الألباني-رحمه الله-: "على أن القصة برمّتها غير ثابتة ([10]) ".
ومما يدل على ضعف هذه القصة: أن الروايات الصحيحة في دخوله - صلى الله عليه وسلم - طيبة عند هجرته إليها لم تذكر ولو إشارة ما يستشهد به لذلك، بل نقلت تلك الروايات ما قاله أهل المدينة عند وصوله إليها، فقد روى البخاري -رحمه الله- في صحيحه في (باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة) حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وفيه: "فقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله .. ([11]) " وفي حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -: " .. ثم قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم [12] برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وفي رواية: "فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرّق [7] زاد المعاد (3/ 551) الطبعة السادسة، 1405. [8] فتح الباري (8/ 169). [9] فتح الباري (8/ 170). والتلخيص الحبير (3/ 178). [10] سلسة الأحاديث الضعيفة (2/ 63) الطبعة الثالثة، 1406. [11] كتاب مناقب الأنصار، رقم 3911. [12] البخاري، رقم 3925.
اسم الکتاب : ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية المؤلف : العوشن، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 89