responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجزات النبي المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 468
وقد ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ تَارِيخِهِ أَمْرًا عَجِيبًا وَشَأْنًا غَرِيبًا، حَيْثُ رُوِيَ من طريق إسحاق بن يحيى الْمَلْطِيِّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ:
أَتَى أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَمَا تَشْتَاقُ إِلَى الْحَجِّ؟
قَالَ: بَلَى لو أصبت لى أصحابا، فَقَالُوا: نَحْنُ أَصْحَابُكَ قَالَ: لَسْتُمْ لِي بِأَصْحَابٍ، إِنَّمَا أَصْحَابِي قَوْمٌ لَا يُرِيدُونَ الزَّادَ وَلَا المزاد،. فقالوا: سبحان الله، وكيف يسافر أقوام بِلَا زَادٍ وَلَا مَزَادٍ؟ قَالَ لَهُمْ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى الطَّيْرِ تَغْدُو وَتَرُوحُ بِلَا زَادٍ وَلَا مَزَادٍ وَاللَّهُ يَرْزُقُهَا؟ وَهِيَ لَا تَبِيعُ وَلَا تَشْتَرِي، وَلَا تَحْرُثُ وَلَا تَزْرَعُ وَاللَّهُ يَرْزُقُهَا؟ قَالَ: فَقَالُوا: فَإِنَّا نُسَافِرُ مَعَكَ، قَالَ: فهبوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَغَدَوْا مِنْ غُوطَةِ دِمَشْقَ لَيْسَ مَعَهُمْ زَادٌ وَلَا مَزَادٌ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْمَنْزِلِ قَالُوا: يَا أَبَا مُسْلِمٍ طَعَامٌ لَنَا وَعَلَفٌ لِدَوَابِّنَا، قَالَ:
فَقَالَ لهم: نعم، فسجا غير بعيد فيمم مسجد أحجار فصلى فيه ركعتين، ثم جثى عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: إِلَهِي قَدْ تَعْلَمُ مَا أخرجنى من منزلى. وإنما خرجت آمرا لَكَ، وَقَدْ رَأَيْتُ الْبَخِيلَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ تَنْزِلُ بِهِ الْعِصَابَةُ مِنَ النَّاسِ فَيُوسِعُهُمْ قِرًى وإنا أضايفك وَزُوَّارُكَ، فَأَطْعِمْنَا، وَاسْقِنَا، وَاعَلِفْ دَوَابَّنَا، قَالَ: فَأُتِيَ بِسُفْرَةٍ مُدَّتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَجِيءَ بِجَفْنَةٍ مِنْ ثريد، وَجِيءَ بِقُلَّتَيْنِ مِنْ مَاءٍ، وَجِيءَ بِالْعَلَفِ لَا يَدْرُونَ مَنْ يَأْتِي بِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالُهُمْ مُنْذُ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ أَهَالِيهِمْ حَتَّى رَجَعُوا، لَا يَتَكَلَّفُونَ زَادًا وَلَا مَزَادًا، فَهَذِهِ حَالُ وَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، نَزَلَ عَلَيْهِ وعلى أصحابه مائدة كل يوم مَرَّتَيْنِ مَعَ مَا يُضَافُ إِلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ وَالْعَلُوفَةِ لِدَوَابِّ أَصْحَابِهِ، وَهَذَا اعْتِنَاءٌ عَظِيمٌ، وَإِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ لِهَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وأما قوله عن عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ [1] الآية، فهذا شىء يَسِيرٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ وَعَلَى كَثِيرٍ مِنَ الأولياء، وقد قال يوسف الصديق لذينك

[1] سورة آل عمران، الآية: 49.
اسم الکتاب : معجزات النبي المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 468
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست