responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجزات النبي المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 236
مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا [1] الآية، فأخبر أن جميع الخليفة لَوِ اجْتَمَعُوا وَتَعَاضَدُوا وَتَنَاصَرُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ فِي فَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ، وَحَلَاوَتِهِ وَإِحْكَامِ أَحْكَامِهِ، وَبَيَانِ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ، لَمَا اسْتَطَاعُوا ذَلِكَ، وَلَمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى عَشْرِ سُوَرٍ مِنْهُ، بَلْ وَلَا سُورَةٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَنْ يفعلوا ذلك أبدا، ولن لِنَفْيِ التَّأْبِيدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمِثْلُ هَذَا التَّحَدِّي، وَهَذَا الْقَطْعِ، وَهَذَا الْإِخْبَارِ الْجَازِمِ، لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ وَاثِقٍ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ، عَالِمٍ بما يقوله، قاطع أن أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَارِضَهُ، وَلَا يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ تَعَالَى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً [2] الآية، وَهَكَذَا وَقَعَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، مَكَّنَ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ وَأَظْهَرَهُ، وَأَعْلَاهُ وَنَشَرَهُ فِي سَائِرِ الْآفَاقِ، وَأَنْفَذَهُ وَأَمْضَاهُ، وَقَدْ فَسَّرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ هَذِهِ الْآيَةَ بِخِلَافَةِ الصِّدِّيقِ، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ لَا تَخْتَصُّ بِهِ، بَلْ تَعُمُّهُ كَمَا تَعُمُّ غَيْرَهُ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بيده لننفقن كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) [3] وَهَكَذَا وَقَعَ وَعَمَّ هَذَا الدِّينُ، وَغَلَبَ وَعَلَا عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَعَلَتْ كَلِمَتُهُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعَدَهُمْ، وذلت لهم سائر البلاد، ودان لهم

[1] سورة البقرة، الآيتان: 23- 24.
[2] سورة النور، الآية: 55.
[3] سورة التوبة، الآية: 33.
اسم الکتاب : معجزات النبي المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست