اسم الکتاب : آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ضوء العصمة والإجتهاد المؤلف : عويد المطرفي الجزء : 1 صفحة : 244
وقد جاءت هاتان الآيتان في سياقهما من سورة الأنفال بعد أن أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحريض المؤمنين على القتال وحثهم على الاستبسال، والصبر فيه تقوية لعزائمهم على خوض المعركة والثبات في ميدانها لمواقفة المشركين والانتصار عليهم، وبشَّرهم أن العشرين الصابرين منهم يغلبون مائتين من أعدائهم، وأن مائة منهم يغلبون ألفاً من الذين كفروا، وذلك لأن المؤمنين يقاتلون متوكلين على الله تعالى طالبين نصره ورضاه، هدفهم إعلاء كلمته ونصرة دينه وإقامة شريعته بين جميع البشر، فهدفهم من القتال واضح، أما الكافرون فيقاتلون المؤمنين تعالياً وإفساداً فى الأرض وطمساً لمعالم الحق والهدى فيها، فلذلك فإنهم لا يفقهون للقتال غاية في معرفة الحق والاهتداء إليه، ولا يعرفون له هدفاً في إصلاح الحياة وإقامتها على الإحسان والعدل، لأنَّهم يقاتلون لرغائبهم الشخصية وإشباع شهواتهم من زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وهذا هدف لا يقوم على دعائم ثابتة، وسرعان ما تعصف به رياح الحق، ولذا وصفهم الله تعالى (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) وهذا وصف لهم بالغباء والجهالة وتقديم شهوات الحياة الدنيا الفانية على الآخرة الباقية.
ولما لم يكن جميع المؤمنين في الصبر واحتمال فوادح الكفاح والنضال على غرار أولئك المتقدمين من أهل بدر -وهم الرعيل الأول الذين لم يلحق بهم أحد ممن جاء بعدهم في أجر ولا فضل- أعلمهم الله تعالى أنه خفف عنهم فجعل على الواحد منهم مقابلة اثنين من الكافرين، وأنه تعالى مع الصابرين.
اسم الکتاب : آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ضوء العصمة والإجتهاد المؤلف : عويد المطرفي الجزء : 1 صفحة : 244