متعينًا لهذا الأمر، كما قال عمر: ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وكان ظهور فضيلة أبي بكر على من سواه وتقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له على سائر الصحابة أمرًا ظاهرًا معلومًا فكانت دلالة النصوص على تعيينه تغني عن مشاورة وانتظار وتريث، بخلاف غيره. وهو لم يسأل وقاية شرها بل أخبر أن الله وقى شر الفتنة بالإجماع، وما جرى يوم السقيفة لا يعد نزاعًا لأنهم ما انفضوا حتى اتفقوا [1] .
مبايعة العامة له على المنبر
في صحيح البخاري، عن أنس رضي الله عنه، أنه سمع خطبة عمر الأخيرة [2] حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتشهد أبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا -يريد بذلك أن يكون آخرهم- فإن يكن محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورًا تهتدون به، به هدى الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وإن أبا بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثاني اثنين، وإنه أولى المسلمين بأموركم، فقوموا فبايعوه، وكانت طائفة منهم قد بايعوا قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر.
قال الزهري، عن أنس بن مالك: سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ: «اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه الناس عامة» [3] . [1] منهاج جـ3/119، 120، 186، 113. جـ4/216، 217، جـ1/36. [2] وكان قد خطب بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنكر وفاته. [3] البخاري ك 93 ب51 وفي صحيح البخاري عن عائشة في هذه القصة قالت: ما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس وأن فيهم لنفاقًا فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم.