باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدًا منهم بسيف ولا عصى، ولا أعطى أحدًا ممن ولاه مالاً. وقال عمر رضي الله عنه بمحضر المهاجرين والأنصار: «أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» [1] ولم ينكر منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه.
ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: «ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر» رواه البخاري ومسلم [2] . وبايعه من حضر من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في خطبة عمر رضي الله عنه التي خطب بها مرجعه من الحج في آخر عمره، وفيها قوله: «ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانًا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنما كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا» [3] . وأنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى [1] البخاري ك64 ب5. [2] البخاري ك86 ب31 ومعنى تقطع إليه الأعناق: أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر، وعبر بقوله (تقطع إليه الأعناق) لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه قيل انقطعت عنقه (الخطابي) وصحيح مسلم ك29 ب4 فيه قطعة من حديث عمر. [3] أي خوف وقوعهما في القتل.