المطلب السادس
علمها بالطِّب والتَّدَاوِي
لم تقتصر عائشة رضي الله عنها على العلوم الدِّينيَّة فحسب، بل إنها كانت على اطلاع واسع على علوم أخرى، ومن هذه العلوم علمها بالطب؛ ولهذا كان عروة بن الزبير يتملكه العجب من إحاطة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بكل هذه العلوم، فعن هشام بن عروة [1] رحمه الله قال: «كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ لعَائِشَة: يَا أُمَّتَاهُ، لا أَعْجَبُ مِنْ فَهْمِكِ، أَقُولُ: زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَلا أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُولُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ؟ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ وَقَالَتْ: أَيْ عُرَيَّةُ [2]، "إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ، أَوْ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأنْعَاتَ [3]، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا [4] لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ ([5]) "» [6]. [1] هو: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أبو المنذر، تابعي، من أئمة الحديث، ومن علماء المدينة، ولد وعاش فيها، مات سنة (146هـ).
ينظر: الطبقات الكبرى 7/ 321، والتاريخ الكبير 8/ 193، وسير أعلام النبلاء 6/ 34. [2] عُرَيَّةُ - بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء بعدها - تصغير عروة. ينظر: مشارق الأنوار 2/ 111. [3] الأنعات: جمع نصت بمعنى المنعوت، أي: الأدوية المنعوتة. ينظر: كتاب العين 2/ 72، والنهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 79، وتحقيق مسند أحمد 40/ 443. [4] أعالجها: أي: أصلح تلك الأدوية. ينظر: تاج العروس 6/ 109، وتحقيق مسند أحمد 40/ 443. [5] أي: فبذلك تعلمت الطِّب. [6] أخرجه أحمد في مسنده 40/ 441، رقم (24380)، والطبراني في المعجم الكبير 23/ 182، =