اسم الکتاب : الإصابة في الذب عن الصحابة المؤلف : مازن بن محمد بن عيسى الجزء : 1 صفحة : 281
على لسانها جارية رضي الله عنك إذ قلت ما قلت ورفع الله قدرك إذ لأم المؤمنين نصرت، ولكرب النبي صلى الله عليه وسلم فرجت، ولقلوب أبنائها بعده أرحت.
وأما زينب بنت جحش فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً (1)
قال الإمام ابن القيم: فإن قيل: فما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم توقف في أمرها، وسأل عنها وبحث واستشار، وهو أعرف بالله، وبمنْزلته عنده، وبما يليق به، وهلاّ قال: سبحانك هذا بُهتان عظيم، كما قال فضلاء الصحابة؟
فالجواب: أن هذا من تمام الحكم الباهرة التي جعل الله هذه القصة سبباً لها، وامتحاناً وابتلاء لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولجميع الأمة إلى يوم القيامة، ليرفع بِهذه القصة أقواماً ويضع بِها آخرين، ويزيد الله الذين اهتدوا هدى وإيماناً، ولا يزيد الظالمين إلا خساراً، واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حبس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي شهراً في شأنها، لا يوحى إليه في ذلك شيء، لتتم حكمته التي قدرها وقضاها، وتظهر على أكمل الوجوه، ويزداد المؤمنون الصادقون إيماناً وثباتاً على العدل والصدق، وحسن الظن بالله ورسوله، وأهل بيته والصديقين من عباده، ويزداد المنافقون إفكاً ونفاقاً، ويظهر لرسوله وللمؤمنين سرائرهم منها ومن أبويها، والافتقار إلى الله والذلة له، وحسن الظن به، والرجاء له، ولينقطع رجاؤها من المخلوقين، وتيأس من
(1) انظر: ابن حجر: فتح الباري: 7/ 498، 8327 وما بعده، العيني: عمدة القاري: 9/ 396، النووي: شرح مسلم: 15/ 218 وما بعده.
اسم الکتاب : الإصابة في الذب عن الصحابة المؤلف : مازن بن محمد بن عيسى الجزء : 1 صفحة : 281