اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 65
والمسلمُ يؤمن بأن الجن يستطيعون التحليق في الفضاء الخارجي، وكانوا يستمعون إلى السماء، وينقلون أخبارها إلى الكهنة بعد إضافة كثير من الأكاذيب إليها، فلما بعث الله -عز وجل- النبي - صلى الله عليه وسلم - حُرِسَت السماء بالشهب والملائكة، يقول الله -عز وجل- على لسان أحد الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) [الجن/8،9].
وأنَّا- معشر الجن- طلبنا بلوغ السماء؛ لاستماع كلام أهلها، فوجدناها مُلئت بالملائكة الكثيرين الذين يحرسونها، وبالشهب المحرقة التي يُرمى بها مَن يقترب منها.
وأنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماء مواضع; لنستمع إلى أخبارها، فمن يحاول الآن استراق السمع يجد له شهابًا بالمرصاد، يُحرقه ويهلكه. وفي هاتين الآيتين إبطال مزاعم السحرة والمشعوذين، الذين يدَّعون علم الغيب، ويغررون بضعفة العقول؛ بكذبهم وافترائهم [1].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ:" إِنَّ المَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ: وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ " (أخرجه البخاري) [2].
وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: «لَيْسَ بِشَيْءٍ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِشَيْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [1] - التفسير الميسر - (10/ 279) [2] - صحيح البخاري (4/ 111) (3210)
[ش (فتسترق) تختلس وتستمع ستخفية كالسارق. (فتوحيه) فتلقيه. (الكهان) جمع كاهن وهو الذي يتعاطى الإخبار عن الكائنات في المستقبل ويدعي معرفة الأسرار]
العَنان بالفتح: السَّحاب , والواحِدة عَنَانة , والعِنان: سَيْر اللّجَام = السَّحَابُ: يُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِالسَّحَابِ السَّمَاء ,كَمَا أَطْلَقَ السَّمَاء عَلَى السَّحَاب، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَلَى حَقِيقَته , وَأَنَّ بَعْض الْمَلَائِكَة إِذَا نَزَلَ بِالْوَحْيِ إِلَى الْأَرْض تَسْمَع مِنْهُمْ الشَّيَاطِين، أَوْ الْمُرَاد الْمَلَائِكَة الْمُوَكَّلَة بِإِنْزَالِ الْمَطَر. فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 65