اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 566
الكثيرة معرضين. فهذا الإعراض لا يؤهلهم للإيمان، ولا يجعلهم ينتفعون بدلائله المبثوثة في الآفاق.
وإنك لغني عن إيمانهم فما تطلب منهم أجرا على الهداية وإن شأنهم في الإعراض عنها لعجيب، وهي تبذل لهم بلا أجر ولا مقابل: «وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ» ..
تذكرهم بآيات اللّه، وتوجه إليها أبصارهم وبصائرهم، وهي مبذولة للعالمين، لا احتكار فيها لأمة ولا جنس ولا قبيلة، ولا ثمن لها يعجز عنه أحد، فيمتاز الأغنياء على الفقراء، ولا شرط لها يعجز عنه أحد فيمتاز القادرون على العاجزين. إنما هي ذكرى للعالمين. ومائدة عامة شاملة معروضة لمن يريد ..
«وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ» .. والآيات الدالة على اللّه ووحدانيته وقدرته كثيرة مبثوثة في تضاعيف الكون، معروضة للأبصار والبصائر. في السماوات وفي الأرض. يمرون عليها صباح مساء، آناء الليل وأطراف النهار. وهي ناطقة تكاد تدعو الناس إليها. بارزة تواجه العيون والمشاعر. موحية تخايل للقلوب والعقول. ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسون إيقاعها العميق.
وإن لحظة تأمل في مطلع الشمس ومغيبها. لحظة تأمل في الظل الممدود ينقص بلطف أو يزيد. لحظة تأمل في الخضم الزاخر، والعين الفوارة، والنبع الروي. لحظة تأمل في النبتة النامية، والبرعم الناعم، والزهرة المتفتحة، والحصيد الهشيم. لحظة تأمل في الطائر السابح في الفضاء، والسمك السابح في الماء، والدود السارب والنمل الدائب، وسائر الحشود والأمم من الحيوان والحشرات والهوام .. لحظة تأمل في صبح أو مساء، في هدأة الليل أو في زحمة النهار .. لحظة واحدة يتسمع فيها القلب البشري إلى إيقاعات هذا الوجود العجيب ..
إن لحظة واحدة لكافية لارتعاش هذا القلب بقشعريرة الإدراك الرهيب، والتأثر المستجيب. ولكنهم «يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ» .. لذلك لا يؤمن الأكثرون!
وحتى الذين يؤمنون، كثير منهم يتدسس الشرك - في صورة من صوره - إلى قلوبهم. فالإيمان الخالص يحتاج إلى يقظة دائمة تنفي عن القلب أولا بأول كل خالجة
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 566