responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 45
بِأَيْدِينَا، وَفِي الْقُرْآنِ غُنْيَةٌ عَنْ كُلِّ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكَادُ تَخْلُو مِنْ تَبْدِيلٍ وَزِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، وَقَدْ وُضِعَ فِيهَا أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ الَّذِينَ يَنْفُون عَنْهَا تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، كَمَا لِهَذِهِ [الْأُمَّةِ مِنْ] الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ، وَالسَّادَةِ الْأَتْقِيَاءِ وَالْأَبْرَارِ وَالنُّجَبَاءِ مِنَ الْجَهَابِذَةِ النُّقَّادِ، والحفاظ الْجِيَادِ، الَّذِينَ دَوَّنُوا الْحَدِيثَ وَحَرَّرُوهُ، وَبَيَّنُوا صَحِيحَهُ مَنْ حَسَنِهِ، مِنْ ضَعِيفِهِ، مِنْ مُنْكَرِهِ وَمَوْضُوعِهِ، وَمَتْرُوكِهِ وَمَكْذُوبِهِ، وَعَرَفُوا الْوَضَّاعِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالْمَجْهُولِينَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الرِّجَالِ، كُلُّ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْجَنَابِ النَّبَوِيِّ وَالْمَقَامِ الْمُحَمَّدِيِّ، خَاتَمِ الرُّسُلِ، وَسَيِّدِ الْبَشَرِ [عَلَيْهِ أَفْضَلُ التَّحِيَّاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالتَّسْلِيمَاتُ]،أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ كَذِبٌ، أَوْ يُحَدَّثَ عَنْهُ بِمَا لَيْسَ [مِنْهُ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، وَجَعَلَ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُمْ، وَقَدْ فَعَلَ." (1)
وما احتجوا به من أن الله استثنى إبليس من الملائكة ... ليس دليلاً قاطعاً، لاحتمال أن يكون الاستثناء منقطعاً، بل هو كذلك حقا، للنصّ على أنّه من الجن في قوله تعالى: ({وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف:50].
قال الشنقيطي رحمه الله:"وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [18\ 50]،ظَاهِرٌ فِي أَنَّ سَبَبَ فِسْقِهِ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ كَوْنُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فِي «مَسْلَكِ النَّصِّ» وَفِي «مَسْلَكِ الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ»:أَنَّ الْفَاءَ مِنَ الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ، كَقَوْلِهِمْ: سَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، أَيْ: لِأَجْلِ سَرِقَتِهِ. وَسَهَا فَسَجَدَ، أَيْ: لِأَجْلِ سَهْوِهِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [5\ 38] أَيْ: لِعِلَّةِ سَرِقَتِهِمَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ هُنَا كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ [18\ 50] أَيْ: لِعِلَّةِ كَيْنُونَتِهِ مِنَ الْجِنِّ ; لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ ; لِأَنَّهُمُ امْتَثَلُوا الْأَمْرَ وَعَصَا هُوَ ; وَلِأَجْلِ ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ إِبْلِيسَ

(1) - تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 168)
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست