اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 445
فمن جعلت قرة عينه في الصلاة، كيف تقر عينه - صلى الله عليه وسلم - بدونها، وكيف يطيق الصبر عنها؟
وقد روي أن العبد إذا قام يصلي، قال الله عز وجل:" ارفعوا الحجب، فإذا التفت، قال: أرخوها "،وقد فُسِّر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عزّ وجلّ إلى غيره، فإذا التفت إلى غيره، أرخى الحجاب بينه وبين العبد، فدخل الشيطان، وعرض عليه أمور الدنيا، وأراه إياها في صورة المرآة، وإذا أقبل بقلبه على الله ولم يلتفت، لم يقدر
الشيطان على أن يتوسط بين الله - تعالى - وبين ذلك القلب، وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب، فإن فرَّ إلى الله تعالى، وأحضر قلبه فرَّ الشيطان، فإن التفت حضر الشيطان، فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة.
كيف يجعل المصلي قلبه حاضراً في الصلاة؟
وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عزّ وجلّ، إذا قهر شهوته وهواه، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة، وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعداً تمكن فيه، كيف يخلص من الوساوس والأفكار؟!
والقلوب ثلاثة: قلب خالٍ من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه؛ لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً، وتحكم فيه بما يريد، وتمكن منه غاية التمكن.
القلب الثاني: قلب قد استنار بنور الإيمان، وأوقد فيه مصباحه، لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية، فللشيطان هناك إقبال وإدبار، ومجالات ومطامع، فالحرب دول وسجال.
وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم مَنْ أوقات غلبته لعدوه أكثر، ومنهم مَنْ أوقات غلبة عدوه له أكثر، ومنهم من هو تارة وتارة.
القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان، وانقشعت عنه حجب الشهوات، وأقلعت عنه تلك الظلمات، فلنوره في صدره إشراق، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس لاحترق به، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها لرجم فاحترق، وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن، وحراسة الله تعالى له
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 445