responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 386
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قالَ ابن التِّين: جَمَعَ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَولُه: "لا تَغضَب " خَير الدُّنيا والآخِرَة لأَنَّ الغَضَب يَئُولُ إِلَى التَّقاطُع ومَنع الرِّفق، ورُبَّما آلَ إِلَى أَن يُؤذِي المَغضُوب عَلَيهِ فَيُنتَقَص ذَلِكَ مِنَ الدِّين.
وقالَ البَيضاوِيّ: لَعَلَّهُ لَمّا رَأَى أَنَّ جَمِيع المَفاسِد الَّتِي تَعرِض لِلإِنسانِ إِنَّما هِيَ مِن شَهوته ومِن غَضَبه، وكانَت شَهوة السّائِل مَكسُورَة فَلَمّا سَأَلَ عَمّا يَحتَرِز بِهِ عَن القَبائِح نَهاهُ عَن الغَضَب الَّذِي هُو أَعظَم ضَرَرًا مِن غَيره، وأَنَّهُ إِذا مَلَكَ نَفسه عِندَ حُصُوله كانَ قَد قَهَرَ أَقوى أَعدائِهِ انتَهَى.
ويَحتَمِل أَن يَكُون مِن باب التَّنبِيه بِالأَعلَى عَلَى الأَدنَى، لأَنَّ أَعدَى عَدُوّ لِلشَّخصِ شَيطانه ونَفسه، والغَضَب إِنَّما يَنشَأ عَنهُما، فَمَن جاهَدَهُما حَتَّى يَغلِبهُما مَعَ ما فِي ذَلِكَ مِن شِدَّة المُعالَجَة كانَ لِقَهرِ نَفسه عَن الشَّهوة أَيضًا أَقوى.
وقالَ ابن حِبّان بَعد أَن أَخرَجَهُ: أَرادَ لا تَعمَل بَعد الغَضَب شَيئًا مِمّا نَهَيت عَنهُ، لا أَنَّهُ نَهاهُ عَن شَيء جُبِلَ عَلَيهِ ولا حِيلَة لَهُ فِي دَفعه.
وقالَ بَعض العُلَماء: خَلَقَ الله الغَضَب مِنَ النّار وجَعَلَهُ غَرِيزَة فِي الإِنسان، فَمَهما قَصَدَ أَو نُوزِعَ فِي غَرَض ما اشتَعَلَت نار الغَضَب وثارَت حَتَّى يَحمَرّ الوجه والعَينانِ مِنَ الدَّم؛ لأَنَّ البَشَرَة تَحكِي لَون ما وراءَها، وهَذا إِذا غَضِبَ عَلَى مَن دُونه واستَشعَرَ القُدرَة عَلَيهِ، وإِن كانَ مِمَّن فَوقه تَولَّدَ مِنهُ انقِباض الدَّم مِن ظاهِر الجِلد إِلَى جَوف القَلب فَيَصفَرّ اللَّون حُزنًا، وإِن كانَ عَلَى النَّظِير تَرَدَّدَ الدَّم بَينَ انقِباض وانبِساط فَيَحمَرّ ويَصفَرّ ويَتَرَتَّب عَلَى الغَضَب تَغَيُّر الظّاهِر والباطِن كَتَغَيُّرِ اللَّون والرِّعدَة فِي الأَطراف وخُرُوج الأَفعال عَن غَير تَرتِيب واستِحالَة الخِلقَة حَتَّى لَو رَأَى الغَضبان نَفسه فِي حال غَضَبه لَكانَ غَضَبه حَياء مِن قُبح صُورَته واستِحالَة خِلقَته، هَذا كُلّه فِي الظّاهِر، وأَمّا الباطِن فَقُبحه أَشَدُّ مِنَ الظّاهِر؛ لأَنَّهُ يُولِّد الحِقد فِي القَلب والحَسَد وإِضمار السُّوء عَلَى اختِلاف أَنواعه، بَل أَولَى شَيء يَقبُح مِنهُ باطِنه، وتَغَيُّر ظاهِره ثَمَرَة تَغَيُّر باطِنه، وهَذا كُلّه أَثَره فِي الجَسَد.

اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست