اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 356
والاستعاذة باللّه من الشيطان الرجيم تمهيد للجو الذي يتلى فيه كتاب اللّه، وتطهير له من الوسوسة واتجاه بالمشاعر إلى اللّه خالصة لا يشغلها شاغل من عالم الرجس والشر الذي يمثله الشيطان.
فاستعذ باللّه من الشيطان الرجيم .. «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فالذين يتوجهون إلى اللّه وحده، ويخلصون قلوبهم للّه، لا يملك الشيطان أن يسيطر عليهم، مهما وسوس لهم فإن صلتهم باللّه تعصمهم أن ينساقوا معه، وينقادا إليه. وقد يخطئون، لكنهم لا يستسلمون، فيطردون الشيطان عنهم ويثوبون إلى ربهم من قريب .. «إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ» أولئك الذين يجعلونه وليهم ويستسلمون له بشهواتهم ونزواتهم، ومنهم من يشرك به. فقد عرفت عبادة الشيطان وعبادة إله الشر عند بعض الأقوام. على أن اتباعهم للشيطان نوع من الشرك بالولاء والاتباع. (1)
وقد بين ابن القيم الحكمة في الاستعاذة بالله من الشيطان حين قراءَة القرآن، فقال:
1 - " إن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة، فهو دواء لما أمره الشيطان فيها، فأمر أن يطرد مادة الداء، ويخلي منه القلب، ليصادف الداء محلاً خالياً، فيتمكن منه، ويؤثر فيه، كما قيل:
أَتَانِى هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوى ... فَصَادَفَ قَلْباً خَالِياً فَتَمَكّنَا
فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب، وقد خلا من مزاحم ومضاد له، فينجع فيه.
2 - ومنها: أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب، كما أنّ الماء مادة النبات، والشيطان نار يحرق النبات أولاً فأولاً، فكلما أحسّ بنبات الخير من القلب، سعى في إفساده وإحراقه، فأمر أن يستعيذ بالله - عزّ وجلّ - منه، لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن.
والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أن الاستعاذة في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها.
(1) - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود (ص:2851)
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 356