اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 30
تقتضي ألوانا من النشاط الحيوي في عمارة الأرض، والتعرف إلى قواها وطاقاتها، وذخائرها ومكنوناتها، وتحقق إرادة اللّه في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيها. كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة اللّه في الأرض لتحقيق المنهج الإلهي الذي يتناسق مع الناموس الكوني العام. ومن ثم يتجلى أن معنى العبادة التي هي غاية الوجود الإنساني أو التي هي وظيفة الإنسان الأولى، أوسع وأشمل من مجرد الشعائر وأن وظيفة الخلافة داخلة في مدلول العبادة قطعا. وأن حقيقة العبادة تتمثل إذن في أمرين رئيسيين:
الأول: هو استقرار معنى العبودية للّه في النفس. أي استقرار الشعور على أن هناك عبدا وربا. عبدا يعبد، وربّا يعبد. وأن ليس وراء ذلك شيء وأن ليس هناك إلا هذا الوضع وهذا الاعتبار. ليس في هذا الوجود إلا عابد ومعبود وإلا رب واحد والكل له عبيد.
والثاني: هو التوجه إلى اللّه بكل حركة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل حركة في الحياة.
التوجه بها إلى اللّه خالصة، والتجرد من كل شعور آخر ومن كل معنى غير معنى التعبد للّه.
بهذا وذلك يتحقق معنى العبادة ويصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل اللّه، والجهاد في سبيل اللّه كالصبر على الشدائد والرضى بقدر اللّه .. كلها عبادة وكلها تحقيق للوظيفة الأولى التي خلق اللّه الجن والإنس لها وكلها خضوع للناموس العام الذي يتمثل في عبودية كل شيء للّه دون سواه.
عندئذ يعيش الإنسان في هذه الأرض شاعرا أنه هنا للقيام بوظيفة من قبل اللّه تعالى، جاء لينهض بها فترة، طاعة للّه وعبادة له لا أرب له هو فيها، ولا غاية له من ورائها، إلا الطاعة، وجزاؤها الذي يجده في نفسه من طمأنينة ورضى عن وضعه وعمله، ومن أنس برضى اللّه عنه، ورعايته له. ثم يجده في الآخرة تكريما ونعيما وفضلا عظيما.
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 30