اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 210
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:" يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟،وَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟،فَيَقُولُ: اللَّهُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟،فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " (1)
ولم يسلم الصحابة - رضوان الله عليهم - من شبهاته وشكوكه، وجاء بعضهم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشكون ما يعانونه من شكوكه ووساوسه، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ». (2)
وصريح الإيمان دفعهم وسوسة الشيطان وكراهيتهم واستعظامهم لها، فعَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْوَسْوَسَةِ، قَالَ: «تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ». (3)
وانظر إلى شدّة ما كان يعانيه الصحابة من شكوكه، روى أبو داود في سننه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ، يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ، لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ». (4)
(1) - الإيمان لابن منده (1/ 478) (353) صحيح
(2) - صحيح مسلم (1/ 119) 209 - (132)
[ش (إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم) أي يجد أحدنا التكلم به عظيما لاستحالته في حقه سبحانه وتعالى (ذاك صريح الإيمان) معناه سبب الوسوسة محض الإيمان أو الوسوسة علامة محض الإيمان]
(3) - صحيح مسلم (1/ 119) 211 - (133)
أَيْ: اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان، فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا, وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك, وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا يُوَسْوِس لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ, فَيُنَكِّد عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ، وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيه مِنْ حَيْثُ شَاءَ, وَلَا يَقْتَصِر فِي حَقّه عَلَى الْوَسْوَسَة, بَلْ يَتَلَاعَب بِهِ كَيْف أَرَادَ, فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث: سَبَبُ الْوَسْوَسَة مَحْض الْإِيمَان، أَوْ الْوَسْوَسَة عَلَامَةُ مَحْضِ الْإِيمَان, وَهَذَا الْقَوْل اِخْتِيَار الْقَاضِي عِيَاض. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 251)
(4) - سنن أبي داود (4/ 330) (5112) صحيح
ربما كان ذلك شكاً في وجود الله, وربما كان تساؤلاً عن بدء الخلق، وأين كان الله قبل بدء الخلق، وربما كان شكاً في صدق نبوة النبي، أو في صدق بعض الأخبار التي يُخبِر بها مما سيحدث في الدنيا والآخرة، وربما كان التساؤل في القدر: لماذا خلق اللهُ بعضَ الناس وكتب عليهم الخلود في النار وهم في بطون أمهاتهم، ولماذا كتب اللهُ الخطيئة على الإنسان، وإلى ذلك مما لَا يستطيع إنسان مؤمن النطق به أو ينجوَ من التفكير فيه.
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 210