responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 161
"وقالَ المازِرِيّ، كَثُرَ كَلام النّاس فِي حَقِيقَة الرُّؤيا، وقالَ فِيها غَير الإِسلامِيِّينَ أَقاوِيلَ كَثِيرَةً مُنكَرَة، لأَنَّهُم حاولُوا الوُقُوف عَلَى حَقائِق لا تُدرَك بِالعَقلِ ولا يَقُوم عَلَيها بُرهان، وهُم لا يُصَدِّقُونَ بِالسَّمعِ فاضطَرَبَت أَقوالهم، فَمَن يَنتَمِي إِلَى الطِّبّ يَنسُب جَمِيعَ الرُّؤيا إِلَى الأَخلاطِ فَيَقُول مَن غَلَبَ عَلَيهِ البَلغَم رَأَى أَنَّهُ يَسبَح فِي الماء ونَحو ذَلِكَ لِمُناسَبَةِ الماء طَبِيعَةَ البَلغَم، ومَن غَلَبَت عَلَيهِ الصَّفراء رَأَى النِّيران والصُّعُود فِي الجَوّ، وهَكَذا إِلَى آخِره، وهَذا وإِن جَوَّزَهُ العَقل وجازَ أَن يُجرِيَ اللَّهُ العادَة بِهِ لَكِنَّهُ لَم يَقُم عَلَيهِ دَلِيل ولا اطَّرَدَت بِهِ عادَة، والقَطع فِي مَوضِع التَّجوِيز غَلَطٌ.
ومَن يَنتَمِي إِلَى الفَلسَفَة يَقُول: إِنَّ صُورَ ما يَجرِي فِي الأَرض هِيَ فِي العالَم العُلوِيّ كالنُّقُوشِ فَما حاذَى بَعض النُّقُوش مِنها انتَقَشَ فِيها، قالَ: وهَذا أَشَدُّ فَسادًا مِنَ الأَوَّل لِكَونِهِ تَحَكُّمًا لا بُرهان عَلَيهِ والانتِقاش مِن صِفات الأَجسام، وأَكثَرُ ما يَجرِي فِي العالَم العُلوِيّ الأَعراض، والأَعراض لا يُنتَقَش فِيها
والصَّحِيح ما عَلَيهِ أَهل السُّنَّة أَنَّ الله يَخلُق فِي قَلب النّائِم اعتِقاداتٍ كَما يَخلُقها فِي قَلب اليَقظان فَإِذا خَلَقَها فَكَأَنَّهُ جَعَلَها عَلَمًا عَلَى أُمُور أُخرَى يَخلُقها فِي ثانِي الحال، ومَهما وقَعَ مِنها عَلَى خِلاف المُعتَقَد فَهُو كَما يَقَع لِليَقظانِ، ونَظِيره أَنَّ الله خَلَقَ الغَيم عَلامَة عَلَى المَطَر وقَد يَتَخَلَّف، وتِلكَ الاعتِقادات تَقَع تارَة بِحَضرَةِ المَلَك فَيَقَع بَعدها ما يَسُرّ أَو بِحَضرَةِ الشَّيطان فَيَقَع بَعدها ما يَضُرّ والعِلم عِند الله تَعالَى.
وقالَ القُرطُبِيّ: سَبَب تَخلِيط غَير الشَّرعِيِّينَ إِعراضُهُم عَمّا جاءَت بِهِ الأَنبِياء مِنَ الطَّرِيق المُستَقِيم، وبَيان ذَلِكَ أَنَّ الرُّؤيا إِنَّما هِيَ مِن إِدراكات النَّفس وقَد غُيِّبَ عَنّا عِلمُ حَقِيقَتها أَي النَّفس، وإِذا كانَ كَذَلِكَ فالأَولَى أَن لا نَعلَم عِلم إِدراكاتها، بَل كَثِير مِمّا انكَشَفَ لَنا مِن إِدراكات السَّمع والبَصَر إِنَّما نَعلَم مِنهُ أُمُورًا جُمَلِيَّة لا تَفصِيلِيَّة. " (1)
"قَالَ الْمَازرِيّ: وَأما قَوْله - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهَا لن تضره فَقيل مَعْنَاهُ أَن الروع يذهب بِهَذَا النفث الْمَذْكُور، وَفِي الحَدِيث إِذا كَانَ فَاعله مُصدقا بِهِ متكلا على الله جلت قدرته فِي دفع الْمَكْرُوه، وَقيل يحْتَمل أن يُرِيد أَن هَذَا الْفِعْل مِنْهُ يمْنَع من نُفُوذ مَا دلّ عَلَيْهِ الْمَنَام من

(1) - فتح الباري شرح صحيح البخاري- ط دار المعرفة (12/ 353) وشرح النووي على مسلم (15/ 17)
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست