اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 139
أي أن مثل المنافقين مع إخوانهم هؤلاء من اليهود، كمثل الشيطان، الذي يدعو الإنسان إلى الكفر، فيستجيب له، ويتقبل دعوته، ويأخذ بنصيحته، حتى إذا كفر هذا الإنسان، ولبس الكفر ظاهرا وباطنا، وأحاطت به خطيئته، وحلّت به النقمة- تركه الشيطان لمصيره، ونفض يديه منه، وتبرأ من الجناية التي جناها عليه، وتنكر له، بل ورماه بالجهل والغفلة، ليزيد فى آلامه وحسرته، وقال له: «إنى أخاف الله رب العالمين» .. وبهذا يريه أنه قد أضله، وخدعه، وصرفه عن الله، وعن الخوف منه، على حين أنه هو لم يصرف عن الله، وعن خشيته والخوف منه .. !!
والسؤال هنا: ماذا يريد الشيطان بقوله: «إنى أخاف الله رب العالمين»؟
وهل هو صادق فيما يقول؟ وإذا كان صادقا فكيف يتفق هذا مع دعوة غيره إلى الكفر بالله والمحادة لله؟
والجواب على هذا- والله أعلم- أن الشيطان يعلم ما لله سبحانه وتعالى من جلال وقدرة، وأنه على خوف من جلال الله وقدرته، ولكنه- وقد غلبت عليه شقوته، وأعماه حسده لأبناء آدم وعداوته لهم- ذهل عن هذا، فى سبيل الانتقام لنفسه، وما يحمل للإنسان من عداوة وحسد، لما كان من تكريم الله لآدم، وأمر الملائكة بالسجود له، واستعلاء إبليس واستكباره عن أن يكون من الساجدين، فلعنه الله وطرده من عالم الملائكة .. فخرج بهذه اللعنة، وهو على عزيمة بأن ينتقم من آدم ومن ذريته، ولو كان فى ذلك هلاكه!! وكم من الناس من يعلم الحق ويأخذ نفسه بخلافه، ويعرف الطريق القويم، ويسلك المعوج؟.وهل كان موقف المشركين من النبي إلا عن حسد وكبر واستعلاء؟ إنهم كانوا يعرفون صدق النبي، ومع هذا فقد بهتوه، وكذبوه، وأبوا أن يقبلوا هذا النور الذي بين يديه، وآثروا أن يعيشوا بما هم فيه من عمى وضلال .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ». (33:الأنعام) وفى هذا التشبيه، يمثل المنافقون دور الشيطان، فهم يعرفون طريق الحق ويتجنبونه، وهم يزينون الشر لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب، ويدعونهم إلى المحادة لله ولرسوله، ويشدون ظهرهم فى كيدهم للنبى وخلافهم
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 139