اسم الکتاب : الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر المؤلف : التويجري، حمود بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 259
العزيز -رحمه الله تعالى-، وقد تفرقت كلمة المسلمين في آخر زمان بني أمية، وخرج الأندلس عن ولاية بني العباس، ولم تجمع الأمة الإسلامية على إمام واحد منذ قامت الدعوة لبني العباس إلى يومنا هذا، ولا نعلم أحدًا نشر العدل في جميع الأوطان الإسلامية بعد أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- سوى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-، وبالجملة فكلام ابن محمود كله مجازفة ولا حاصل تحته.
وأما قوله: أما هذا الرجل الذي لا يمكث في ولايته على الناس إلا سبع سنين فإنه فيء زائل، وكيف يملأ الأرض عدلا في سبع سنين وقد ملئت جورًا وكفرًا؟!
فجوابه: أن يقال: إن الله تعالى إذا أراد شيئًا هيأ أسبابه ويسر الوصول إليه، وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد ملأ الأرض قسطًا وعدلا في عشر سنين، وقد كانت قبل ذلك مملوءة ظلمًا وجورًا، وهذا عمر بن عبد العزيز قد ملأ الأرض قسطًا وعدلا في سنتين وخمسة أشهر، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي أنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا في سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، وما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو واقع لا محالة، ولا يستنكر وقوعه إلا من يشك في عموم قدرة الرب -تبارك وتعالى- ونفوذ مشيئته، أو يشك في صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به عما كان فيما مضى وما سيكون في المستقبل.
وأما قوله: فهل يغزو الناس بالأحلام في المنامات، أو يغزو الناس بالملائكة أو بالجن؟!
فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في هذا الكلام الوخيم من السخرية والاستهزاء بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي أنه يملك سبع سنين فيملأ الأرض قسطًا وعدلا، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فكل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر به فالواجب تصديقه، وأن لا يجد المسلم في نفسه حرجًا مما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن لا يعارض أخباره بكيف ولِم وهل، فإن هذا عنوان على فساد العقيدة، وقد تقدم عن ابن محمود أنه قال نحو هذا الكلام السيئ في صفحة (32) من رسالته، وتقدم الجواب عنه بأبسط مما هنا، فليراجع في أثناء الكتاب [1]. [1] ص (193 - 197).
اسم الکتاب : الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر المؤلف : التويجري، حمود بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 259