responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاعتصام - ت الهلالي المؤلف : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    الجزء : 1  صفحة : 261
وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] إِلَى قَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] الْآيَةَ.
فَوَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَوْصَافٍ؛ مِنْهَا: أَنَّهُمْ أَحُصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ أَيْ: مُنِعُوا وَحُبِسُوا حِينَ قَصَدُوا الْجِهَادَ مَعَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّ الْعُذْرَ أَحْصَرَهُمْ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ؛ لِاتِّخَاذِ الْمَسْكَنِ وَلَا لِلْمَعَاشِ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ كَانَ أَحَاطَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَا هُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى يَكْسِبُوا مِنْ غَنَائِمِهِ، وَلَا هُمْ يَتَفَرَّغُونَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا لِخَوْفِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلِضَعْفِهِمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَلَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِلْكَسْبِ أَصْلًا.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 273] أَنَّهُمْ قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارُوا زَمْنَى.
وَفِيهِمْ أَيْضًا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8].
أَلَا تَرَى كَيْفَ قَالَ: أُخْرِجُوا، وَلَمْ يَقُلْ: خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ؟! فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجُوا اخْتِيَارًا، فَبَانَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا خَرَجُوا اضْطِرَارًا، وَلَوْ وَجَدُوا سَبِيلًا (أَنْ) لَا يَخْرُجُوا؛ لَفَعَلُوا؟ فَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَالِ اخْتِيَارًا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِلشَّارِعِ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الشَّرِيعَةِ.

اسم الکتاب : الاعتصام - ت الهلالي المؤلف : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست