وأما المتصوفة فيقولون بكل هذا , سالكين مسلك هؤلاء الضالة النحرفين:
(وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيها عنهم العبادات , وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم) [2].
وقالوا:
(إذا وصلت إلى مقام اليقين سقطت عنك العبادة , مؤولين قول الله عز وجل: وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين) [3].
ولقد أقر صوفي قديم بوجود هؤلاء المتصوفة ومن هم على منوالهم - وما أكثرهم - فقال:
(وأرتحل عن القلوب حرمة الشريعة , فعدّوا قلة المبالاة بالدين أوثق ذريعة , ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام , ودانوا بترك الاحترام , وطرح الاحتشام , واستخفوا بأداء العبادات , واستهانوا بالصوم والصلاة , وركضوا في ميدان الغفلات , وركنوا إلى إتباع الشهوات , وقلة المبالاة بتعاطي المحظورات , والإرتفاق بما يأخذونه من السوقة والنسوان وأصحاب السلطان.
ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال , حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال , وادعوا أنهم تحرروا من رقّ الأغلال , وتحققوا بحقائق الوصال , وانهم تجري عليهم أحكامه وهم محو , وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب ولا لوم , وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية , واختطفوا عنهم بالكلية , وزالت عنهم أحكام البشرية , وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدية , والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا , والنائب عنهم سواهم فيما تصرفوا , بل صرفوا.
ولما طال الابتلاء فيما نحن فيه من الزمان بما لوّحت ببعضه من هذه القصة , وكنت لا أبسط إلى هذه الغاية لسان الإنكار , غيرة على هذه الطريقة أن يذكر أهلها [1] انظر ص 51 , 52 الطبعة الجديدة , الثلاثون. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان. [2] مقالات الإسلاميين للأشعري ص 289. ط هلموت ريتز الطبعة الثالثة فرانزستايز 1980 م. [3] اتحاف السادة للزبيدي ج8 ص 278 المنقول من كتاب نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها للكتور عرفان عبد الحميد ص 74. ط المكتب الإسلامي بيروت 1974 م.
اسم الکتاب : التصوف - المنشأ والمصادر المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 262