قال البخاري: "فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به، والمكره لا يكون إلا ممتنعاً من فعل ما أمر به". (1)
وجاء في الحديث المشهور المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)). (2)
قال القاضي أبو بكر ابن العربي: " والخبر وإن لم يصح سنده، فإن معناه صحيح باتفاق من العلماء ". (3)
وقال الشاطبي في معنى الحديث: "هو معنى متفق عليه في الجملة، لا خلاف فيه". (4)
وقال ابن حجر عن هذا الحديث: " وهو حديث جليل , قال بعض العلماء: ينبغي أن يعدّ نصف الإسلام , لأنّ الفعل إمّا عن قصد واختيار أو لا , الثّاني ما يقع عن خطأ أو نسيان أو إكراه، فهذا القسم معفوّ عنه باتّفاق". (5)
واختلف أهل العلم في تحديد معنى الإكراه، كما اختلفوا في مقدار ما يباح للمسلم حال الإكراه.
وفي تعريف الإكراه بقول ابن حجر: " هو إلزام الغير بما لا يريده". (6)
ويزيد ابن حزم التعريف شرحاً وبياناً، فيقول: "والإكراه هو كل ما سمي في اللغة إكراهاً، وعرف بالحس أنه إكراه، كالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه إنفاذ ما توعد به، والوعيد بالضرب كذلك، أو الوعيد بالسجن كذلك، أو الوعيد بإفساد المال كذلك، أو الوعيد في مسلم غيره بقتل أو ضرب أو سجن أو إفساد مال ". (7)
وقال القرطبي: "وقال النخعي: القيد إكراه، والسجن إكراه، وهذا قول
(1) الجامع لأحكام القرآن (10/ 182).
(2) سبق تخريجه ص (65).
(3) أحكام القرآن (3/ 138).
(4) الموافقات (3/ 263).
(5) فتح الباري (5/ 161).
(6) المصدر السابق (12/ 311).
(7) المحلى (8/ 330).