إيمانه وبأنه من أهل الجنة". (1)
وهذا الجهل والغلو ينطبق على أضرابهم الذين يأتون في آخر الزمان، يقول عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)). (2)
قال السندي: " قوله: ((أحداث الأسنان)) أي صغار الأسنان، فإنّ حداثة السّنّ محلٌّ للفساد عادة. ((سفهاء الأحلام)): ضعاف العقول". (3)
2ـ اتباع الهوى، وجعل التكفير وسيلة في الانتقام من المخالفين، وإشهاره سيفاً مسلطاً على رقابهم هو سبب آخر من أسباب انتشار التكفير ورواج سوقه، وهو فرع عن الجهل ودليل على رقَّة الدين.
وقد دأبت الفرق المنحرفة عن هدي الله وسنة رسوله في تاريخ الإسلام على تكفير مخالفيها، حتى أصبح سمتاً للفرق المبتدعة المختلفة، يقول ابن تيمية: "ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة غيرها من طوائف المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم ... وهذا حال عامة أهل البدع الذين يكفر بعضهم بعضاً ... وهؤلاء من الذين قال الله تعالى فيهم: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} (الأنعام: 159) ". (4)
ويقول رحمه الله: " من ادعى دعوى وأطلق فيها عنان الجهل مخالفاً فيها لجميع أهل العلم، ثم مع مخالفتهم يريد أن يكفر ويضلل من لم يوافقه، فهذا من أعظم ما يفعله كل جهول مغياق". (5)
3 - ولعل من أهم أسباب انتشار التكفير وقوع كثير من المسلمين في المكفرات، من سباب لله ورسوله أو لمز أو طعن في الدين في وسائل الإعلام وغيرها.
(1) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 114).
(2) رواه البخاري ح (3611)، ومسلم ح (1066).
(3) حاشية السندي (7/ 119).
(4) مجموع الفتاوى (7/ 684).
(5) الرد على البكري (1/ 263).