responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 578
[7]) وَأَمَّا حَدِيْثُ (إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُم بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فَلْيُنَادِ: يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا؛ يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا. فَإِنَّ للهِ حَاضِرًا فِي الأَرْضِ سَيَحْبِسُهُ) فَهُوَ ضَعِيْفٌ.
قَالَ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ) [1]: (رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ (سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُم). وَفِيْهِ مَعْرُوْفُ بْنُ حَسَّان؛ وَهُوَ ضَعِيْفٌ). (2)
وَأَيْضًا فَإِنَّ الحَدِيْثَ الآخَرَ - حَدِيْثَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَان - هُوَ ضَعِيْفٌ جِدًّا، وَمِنْ أَوْجُهِ ضَعْفِهِ أَنَّ فِيْهِ (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شَرِيْكٍ - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي - وَأَبَاهُ، كِلَاهُمَا ضَعِيْفَانِ، قَالَ الحَافِظُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا: (صَدُوْقٌ يُخْطِئُ))، وَقَالَ فِي أَبِيْهِ: (صَدُوْقٌ يُخْطِئُ كَثِيْرًا))، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ العِلَلِ أَيْضًا. (3)
وَأَجْوَدُ مَا يُمْكِنُ إِيْرَادُهُ [4] فِي هَذَا المَقَامِ - مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ - الحَدِيْثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مَرْفُوْعًا وَمَوْقُوْفًا) (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فَضْلًا - سِوَى الحَفَظَةِ - يَكْتُبُوْنَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ فِي سَفَرٍ فَلِيُنَادِ: أَعِيْنُوا عِبَادَ اللهِ؛ رَحِمَكُمُ اللهُ). (5)
وَلَنَا فِيْهِ - بِتَوْفِيْقِ اللهِ - كَلِمَاتٌ:
أَوَّلًا) أَنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ وَلَيْسَ رَفْعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ الحَدِيْثَ جَاءَ مَرْفُوْعًا عِنْدَ البَزَّارِ، وَمَوْقُوْفًا عِنْدَ البَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ، وَالرُّوَاةُ فِيْهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ [6] مُخْتَلِفُوْنَ فِي الوَقْفِ وَالرَّفْعِ، وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ (الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الوَقْفِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الشُّعَبِ) أَوْثَقُ مِنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ (وَهُوَ الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ عَنْ أُسَامَةَ عِنْدَ البَزَّارِ). (7)
ثَانِيًا) أَنَّ كَوْنَهُ مَوْقُوْفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَا يَعْنِي كَوْنَهُ حُجَّةً فِي هَذَا البَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُوْنَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَلَقَّاهُ مِنْ مُسْلِمَةِ أَهْلِ الكِتَابِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
ثَالِثًا) أَنَّهُ إِنْ قِيْلَ بِحُجِّيَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيْدِهِ بِأُمُوْرٍ أَهَمُّهَا:
أ) تَقْيِيْدُهُ بِكَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ هُمُ المَلَائِكَةُ.
وَهَذَا لَهُ مَخْرَجٌ صَحِيْحٌ مِنْ جِهَةِ أُصُوْلِ عِلْمِ التَّوْحِيْدِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ حَيًّا؛ وَحَاضِرًا - كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيْثِ بِقَوْلِهِ (حَاضِرًا) -، وَقَادِرًا - كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيْثِ بِكَوْنِ اللهِ تَعَالَى جَعَلَهُم لِهَذِهِ المُهِمَّةِ -. (8)
وَهَذَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُم بِالحَدِيْثِ عَلَى الأَمْوَاتِ وَالأَوْلِيَاءِ وَالغَائِبِيْنَ، وَالحَمْدُ للهِ.
ب) تَقْيِيْدُهُ بِمَنْ أَصَابَتْهُ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ؛ فَيُدَلُّ إِلَى الطَّرِيْقِ، كَمَا جَاءَ فِي نَفْسِ الحَدِيْثِ، وَلَيْسَ عُمُوْمُ النَّصْرِ وَالإِغَاثَةِ وَالرِّزْقِ وَالشَّفَاعَةِ. (9)
8) أَمَّا حَدِيْثُ الرَّجُلِ الَّذِيْ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَسْقِي لَهُ ثُمَّ أَتَى عُمَرَ ... ، فَهُوَ ضَعِيْفٌ، وَلَا يُفِيْدُ تَصْحِيْحُ الحَافِظِ لِإِسْنَادِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَحَّحَهُ إِلَى مَالِكِ الدَّارِ فَقَط، وَمَالِكُ هَذَا مَجْهُوْلُ الحَالِ (العَدَالَةِ وَالضَّبْطِ) وَلَيْسَ لَهُ تَوْثِيْقٌ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ [10]، عَدَا عَنْ مُخَالَفَةِ هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ لِمَا سَنَّهُ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ مِنْ دُعَاءِ وَصَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ.

[1] مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ (17100).
(2) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الضَّعِيْفَةِ (655) - بَعْدَ ذِكْرِهِ العِلَّةَ الأُوْلَى -: (العِلَّةُ الثَّانِيَةُ: الانْقِطَاعُ، وَبِهِ أَعَلَّهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ: (حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي السَّنَدِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابْنِ برَيْدَةَ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ) نَقَلَهُ ابْنُ علَّانَ فِي (شَرْحُ الأَذْكَارِ) (5/ 150).
وَقَالَ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي (الابْتِهَاجُ بِأَذْكَارِ المُسَافِرِ وَالحَاجِّ) (ص 39): (وَسَنَدُهُ ضَعِيْفٌ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ جَرَّبَهُ هُوَ وَبَعْضُ أَكَابِرِ شُيُوْخِهِ).
قُلْتُ (الأَلْبَانِيُّ): العِبَادَاتُ لَا تُؤْخَذُ مِنَ التَّجَارِبِ، سِيَّمَا مَا كَانَ مِنْهَا فِي أَمْرٍ غَيْبِيٍّ كَهَذَا الحَدِيْثِ، فَلَا يَجُوْزُ المَيْلُ إِلَى تصَحِيْحِهِ بِالتَّجْرِبَةِ!
كَيْفَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُهُم فِي جَوَازِ الاسْتِغَاثَةِ بِالمَوْتَى عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَهُوَ شِرْكٌ خَالِصٌ! وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا رَوَى الهَرَوِيُّ فِي (ذَمِّ الكَلَامِ) (4/ 68/1) أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ ضَلَّ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي طَرِيْقٍ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ مَنِ اضْطُرَّ - كَذَا الأَصْلُ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ: ضَلَّ - فِي مَفَازَةٍ فَنَادَى: عِبَادَ اللهِ أَعِيْنُوْنِي! أُعِيْنَ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ الجُزْءَ أَنْظُرَ إِسْنَادَهُ. قَالَ الهَرَوِيُّ: فَلَمْ يَسْتَجِزْ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ لَا يَرَى إِسْنَادَهُ). قُلْتُ: فَهَكَذَا؛ فَلَيْكُنِ الإِتِّبَاعُ).
(3) الضَّعِيْفَةُ (656).
[4] وَهُوَ مِنْ بَابِ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَذْكُرُوْنَ مَا لَهُم وَمَا عَلَيْهِم، وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ مَا يُحَابَى عَلَى حِسَابِ الحَقِّ وَالشَّرِيْعَةِ، وَللهِ الحَمْدُ.
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِمَا اخْتُلِفَ فِيْهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِيْ مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.
(5) الحَدِيْثُ وَرَدَ مَرْفُوْعًا وَمَوْقُوْفًا، وَهُوَ صَحِيْحٌ مَوْقُوْفًا، رَوَاهُ البَزَّارُ (181/ 11) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ (165) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوْفًا. الصَّحِيْحَةَ (656).
[6] وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا هُوَ اللَّيْثِيُّ؛ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِيْنَ (ت 153 هـ)؛ وَلَيْسَ هُوَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ الصَّحَابِيُّ؛ حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْلَاهُ.
[7] اُنْظُرِ الصَّحِيْحَةَ (656).
(8) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الصَّحِيْحَةِ (656): (فَلَا يَجُوْزُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِمُ المُسْلِمُوْنَ مِنَ الجِنِّ أَوِ الإِنْسِ مِمَّنْ يُسَمُّوْنَهُم بِرِجَالِ الغَيْبِ مِنَ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ، سَوَاءً كَانُوا أَحْيَاءً أَوْ أَمْوَاتًا، فَإِنَّ الاسْتِغَاثَةَ بِهِم وَطَلَبَ العَوْنِ مِنْهُم شِرْكٌ بَيِّنٌ، لِأَنَّهُم لَا يَسْمَعُوْنَ الدُّعَاءَ، وَلَو سَمِعُوا لَمَا اسْتَطَاعُوا الإِجَابَةَ وَتَحْقِيْقَ الرَّغْبَةِ، وَهَذَا صَرِيْحٌ فِي آيَاتٍ كَثِيْرْةٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنْ تَدْعُوْهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُوْنَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيْرٍ} (فَاطِر:14).
(9) وَقَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أَيْضًا فِي الصَّحِيْحَةِ (656): (وَيَبْدُو أَنَّ حَدِيْثَ ابْنِ عَبَّاسٍ - الَّذِيْ حَسَّنَهُ الحَافِظُ - كَانَ الإِمَامُ أَحْمَدُ يُقَوِّيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ فِي (المَسَائِلِ) (217): (سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: حَجَجْتُ خَمْسَ حُجَجٍّ مِنْهَا اثْنَتَيْن (رَاكِبًا)، وَثَلَاثَةً مَاشِيًا، أَوِ اثْنَتَيْن مَاشِيًا، وَثَلَاثَةً رَاكِبًا؛ فَضَلَلْتُ الطَّرِيْقَ فِي حَجَّةٍ - وَكُنْتُ مَاشِيًا -، فَجَعَلْتُ أَقُوْلُ: (يَا عِبَادَ اللهِ دُلُّوْنَا عَلَى الطَّرِيْقِ!) فَلَمْ أَزَلْ أَقُوْلُ ذَلِكَ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَى الطَّرِيْقِ)).
قُلْتُ: وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ حَدِيْثَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ السَّابِقَ فِي كِتَابِهِ (الوَابِلُ الصَّيِّبُ) فِي الفَصْلِ السَّابِعِ وَالثَّلَاثُيْنَ (ص125): فِي (الدَّابَةُ إِذَا انْفَلَتَتْ وَمَا يُذْكَرُ عِنْدَ ذَلِكَ).
[10] وَقَدْ رَوَى لَهُ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (4688) أَثَرًا عَنْ عُمَرَ فِي - بَابٌ فِي الإِنْفَاقِ - وَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيْثهِ: (وَمَالِكُ الدَّارِ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 578
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست