responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 567
[4]) أَمَّا بِخُصُوْصِ حَدِيْثِ الاخْتِصَامِ؛ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ كَشَفَ لَهُ عَنِ الأَعْيَانِ المَوْجُوْدَةِ إِذْ ذَاكَ، [1] فَلَيْسَ فِيْهِ مَعْنَى كَشْفِ وَقْتِ السَّاعَةِ؛ وَلَا عِلْمَ مَا سَيَكُوْنُ كُلِّيًّا، وَإِلَّا تَعَارَضَ الحَدِيْثُ مَعَ النُّصُوْصِ الكَثِيْرَةِ المُتَوَاتِرَةِ - مِنْ جِهَةِ الدِّلَالَةِ - الَّتِيْ فِيْهَا عَدَمُ عِلْمِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالغَيْبِ وَبِمَا فِي الصُّدُوْرِ.
5) أَيْضًا عَلَى فَرْضِ حَمْلِ حَدِيْثِ الاخْتِصَامِ عَلَى الغَيْبِ المُسْتَقْبَلِيِّ؛ فَمَا أُطْلِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرِ مَا سَيَكُوْنُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ هُوَ عَلَى سَبِيْلِ الإِجْمَالِ وَلَيْسَ التَّفْصِيْلِ، وَكَذَلِكَ حَدِيْثُ حُذَيْفَةَ، لِذَلِكَ تَجِدُ بَيَانَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي رَدِّهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍّ؛ حَيْثُ قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (2)
6) أَمَّا بِخُصُوْصِ حَدِيْثِ حُذَيْفَةَ فَالخَطْبُ فِيْهِ أَسْهَلُ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا سَيَكُوْنُ مِنْ فِتَنٍ وَمَلَاحِمَ، كَذَا بَيَّنَهُ أَحَدُ أَلْفَاظِ الحَدِيْثِ الَّذِيْ فِي مُسْلِمٍ، حَيْثُ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي! وَلَكِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ - وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيْهِ عَنِ الفِتَنِ - فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَعُدُّ الفِتَنَ - (مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ لَا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ مِنْهَا صِغَارٌ وَمِنْهَا كِبَارٌ) قَالَ حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُوْلَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي). (3)
وَقَدْ أَوْرَدَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ - وَهُمُ العَالِمُوْنَ بِالآثَارِ وَمَعَانِيْهَا وَمَوَاضِعِهَا - فِيْ ذِكْرِ أَحَادِيْثِ الفِتَنِ مِنْ سُنَنِهِم. [4] (5)
7) أَمَّا بِخُصُوْصِ حَدِيْثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَوْلُهُ (إِلَّا أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا)، فِيْهِ أَنَّ - مِنْ - هُنَا لِلتَّبْعِيْضِ، فَزَالَتِ الشُّبْهَةُ أَصْلًا؛ وَانْدَرَجَتْ مَعَ أَخَوَاتِهَا فِي ذِكْرِ الإِجْمَالِ.
8) أَنَّ حَدِيْثَ أَبِي ذَرٍّ أَصْلًا يَتَنَاوَلُ أُمُوْرَ الشَّرِيْعَةِ، وَعَلَى هَذَا المَعْنَى فَلَا إِشْكَالَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا إِلَّا بَيَّنَهُ مِنْ أُمُوْرِ الشَّرِيْعَةِ، وَالحَمْدُ للهِ.
وَدَلَّ لِذَلِكَ نَفْسُ الحَدِيْثِ، حَيْثُ أَنَّ الحَدِيْثَ بِتَمَامِهِ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (تَرَكْنَا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الهَوَاءِ - إِلَّا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا، قَالَ: فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ؛ إِلَّا وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ).
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ - عَقِبَ ذِكْرِ الحَدِيْثِ -: (مَعْنَى (عِنْدَنَا مِنْهُ) يَعْنِي بِأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيْهِ وَأَخْبَارِهِ وَأَفْعَالِهِ وَإِبَاحَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). (6)

[1] وَاُنْظُرْ سِيَاقَ الحَدِيْثِ حَيْثُ كَانَ السُّؤَالُ عَنِ اخْتِصَامِ المَلَأِ الأَعْلَى؛ فَأَجَابَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَدَمِ العِلْمِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عُلِّمَ أَجَابَ عَنِ الدَّرَجَاتِ وَالكَفَّارَاتِ، فَهَذَا السُّؤَالُ كَانَ عَمَّا هُوَ مَوْجُوْدٌ مِنْ ذَلِكَ الاخْتِصَامِ؛ وَالتَّعْلِيْمُ أَيْضًا كَانَ عَمَّا هُوَ مَوْجُوْدٌ مِنْهُ. وَبِاللهِ التَّوْفِيْق.
(2) البُخَارِيُّ (4855)، وَمُسْلِمٌ (177).
(3) وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (4243)؛ قَالَ حُذَيْفَةُ: (وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي أَمْ تَنَاسَوْا؟ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ - إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا - يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةٍ فَصَاعِدًا؛ إِلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيْهِ وَاسْمِ قَبِيْلَتِهِ). وَهُوَ ضَعِيْفٌ. المِشْكَاةُ (5393).
[4] أَوْرَدَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَبْوِيْبِ مُسْلِمٍ (2207/ 4) ضِمْنَ كِتَابُ الفِتَنِ.
وَفِي المُسْتَدْرَكِ (465/ 4) قَالَ: كِتَابُ الفِتَنِ وَالمَلَاحِمِ.
وَفِي أَبِي دَاوُدَ (94/ 4) قَالَ: بَابُ ذِكْرِ الفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا.
وَفِي صَحِيْحِ ابْنِ حِبَّانَ (5/ 15) قَالَ: بَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَكُوْنُ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الفِتَنِ وَالحَوَادِثِ.
(5) وَمِثْلُ حَدِيْثِ حُذَيْفَةَ فِي الدِّلَالَةِ مَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ (2892) أَيْضًا فِي كِتَابِ الفِتَنِ - عَقِبَ حَدِيْثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السَّابِقِ - عَنْ عَمْرَو بْنِ أَخْطَبٍ؛ قَالَ: (صَلَّى بِنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفَجْرَ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ العَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ؛ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا).
(6) صَحِيْحُ ابْنِ حِبَّانَ (267/ 1).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 567
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست