responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 55
- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَا حُكْمُ التَّبَرُّكِ بِالصَّالِحِيْنَ وَبِمَاءِ زَمْزَمَ وَالتَّعَلُّقِ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ؟
1) أَمَّا التَّبَرُّكُ بِالصَّالِحِيْنَ فَقِسْمَانِ:
أ) تَبَرُّكٌ بِذَوَاتِهِم؛ بِعَرَقِهِم؛ بِسُؤْرِهِم؛ بِشَعْرِهِم؛ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذَا لَا يَجُوْزُ وَهُوَ مِنَ البِدَعِ المُحْدَثَة.
وَلَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ عَمْلُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - وَهُم سَادَةُ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ - [1]، فَهَذَا التَّبَرُّكُ بِالذَّوَاتِ خَاصٌّ بِالأَنْبِيَاءِ فَقَط. (2)
ب) تَبرُّكٌ بِعِلْمِهِم وَعَمَلِهِم: وَهُوَ الاقْتِدَاءُ بِالصَّالِحِيْنَ فِي صَلَاحِهِم، وَالاسْتِفَادَةُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي عِلْمِهِم وَهَدْيهِم وَسِيْرَتِهِم.
2) أَمَّا التَّبَرُّكُ بِمَاءِ زَمْزَمَ فَهُوَ عَلَى قَاعِدَةِ: (أَنَّ التَّبَرُّكَ يَجْرِي كَمَا وَرَدَ) أَيْ: أَنَّ التَّبَرُّكَ تَوْقِيْفِيُّ الكَيْفِيَّةِ، فَإِنَّ التَّبَرُّكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ جَاءَ بِهَيْئَةِ الشُّرْبِ وَالصَّبِّ؛ فَمَنْ تَبَرَّكَ بِهِ بِأَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ بِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ. [3] (4)
3) أَمَّا التَّعَلُّقَ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ رَجَاءَ البَرَكَة؛ فَلَهُ حَالَانِ:
أ) شِرْكٌ أَصْغَرٌ: إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ التَّبَرُّكَ سَبَبٌ لِلخَيْرِ أَوِ الشِّفَاءِ مِنَ الله تَعَالَى، وَقَدْ عُلِمَ أنَّ الشَّرِيْعَةَ لَمْ تُرْشِدْ لِهَذَا النَّوعِ مِنَ الأَسْبَابِ.
ب) شِرْكٌ أَكْبَرٌ: إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الكَعْبَةَ تَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى اللهِ، أَوْ أَنَّ الكَعْبَةَ لَهَا شَفَاعَةٌ عِنْدَ اللهِ فَتُقْضَى حَاجَتُهُ بِهَا.

[1] قَالَ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الاعْتِصَامُ) (482/ 1): (إِلَّا أَنَّهُ عَارَضَنَا فِي ذَلِكَ أَصْلٌ مَقْطُوْعٌ بِهِ فِي مَتْنِهِ، مُشْكِلٌ فِي تَنْزِيلِهِ، وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم لَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُم شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ خَلْفِهِ، إِذْ لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فِي الأُمَّةِ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَهُوَ كَانَ خَلِيْفَتُهُ، وَلَمْ يُفْعَلْ بِهِ شِيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ كَانَ أَفْضَلَ الأُمَّةِ بَعْدَهُ، ثُمَّ كَذَلِكَ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ سَائِرَ الصَّحَابَةِ - الَّذِيْنَ لَا أَحَدَ أَفْضَلُ مِنْهُم فِي الأُمَّةِ - ثُمَّ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُم مِنْ طَرِيْقٍ صَحِيْحٍ مَعْرُوْفٍ أَنَّ مُتَبَرِّكًا تَبَرَّكَ بِهِم عَلَى أَحَدِ تِلْكَ الوُجُوْهِ أَوْ نَحْوِهَا، بَلِ اقْتَصَرُوا فِيْهِم عَلَى الاقْتِدَاءِ بِالأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ وَالسِّيَرِ الَّتِيْ اتَّبَعُوا فِيْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ إِذًا إِجْمَاعٌ مِنْهُم عَلَى تَرْكِ تِلْكَ الأَشْيَاءِ).
قُلْتُ: وَكَذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ التَّبَرُّكَ مَعَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَلَا فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْنَ، فَالبَرَكَةُ الذَّاتيَّةُ لَا تَنْتَقِلُ بِالنُّطْفَةِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الرَّافِضَةِ وَمُقَلِّدِيْهِم، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيْمَ وَابْنِهِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِيْنٌ} (الصَّافَّات:113) فَفِي ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ، رَغُمَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى بَارَكَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (ص706): (اقْتَضَى ذَلِكَ البَرَكَةَ فِي ذُرِّيَّتِهِمَا، وَأَنَّ مِنْ تَمَامِ البَرَكةِ أَنْ تَكُوْنَ الذُّريَّةُ كُلُّهُم مُحْسِنِيْنَ، فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ مِنْهُم مُحْسِنًا وَظَالِمًا، وَاللهُ أَعْلَمُ).
(2) وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْشِدُ إِلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْ هَذَا التَّبَرُّكِ، كَمَا فِي حَدِيْثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: نَزَلَ بالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْيَافٌ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَدَعَا النَّبِيُّ بِوَضُوْئِهِ، فَتَوَضَّأَ، فَبَادَرُوا إِلَى وُضُوْئِهِ فَشَرِبُوا مَا أَدْرَكُوْهُ مِنْهُ، وَمَا انْصَبَّ مِنْهُ فِي الأَرْضِ فَمَسَحُوا بِهِ وُجُوْهَهُم وَرُؤُوْسَهُم وَصُدُوْرَهُم، فَقَالَ لَهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا دَعَاكُم إِلَى ذَلِكَ؟) قَالُوا: حُبًّا لَكَ، لَعَلَّ اللهَ يُحِبُّنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ أَنْ يُحِبَّكُمُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ فَحَافِظُوا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: صِدْقِ الحَدِيْثِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَحُسْنِ الجِوَارِ). رَوَاهُ الخِلَعِيُّ فِي الفَوَائِدِ. الصَّحِيْحَةُ (2998).
[3] قُلْتُ: وَمِثْلُهُ بَرَكَةُ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ هِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ بِالتَّمَسُّحِ.
(4) وَلَا يَصِحُّ الاسْتِدْلَالُ بِفِعْلِ جِبْرِيْلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَمَا غَسَلَ قَلْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْعًا لَنَا؛ فَلَمْ يُرْشِدْ إِلَيْهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدِيْثُ جِبْرِيْلَ هَذَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7517)، وَمُسْلِمٌ (164).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست