responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 541
- قَوْلُهُ (ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ): لَفْظَةُ (شِمَالِهِ) فِيْهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الرُّوَاةِ، فَمِنْهُم مَنْ أَوْرَدَهَا هَكَذَا وَمِنْهُم مَنْ أَوْرَدَهَا بِلَفْظِ (بِيَدِهِ الأُخْرَى)، وَعَلَى كُلٍّ إِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً - بِاللَّفْظِ الأَوَّلِ - مِنْ جِهَةِ الحَدِيْثِ [1] فَلَيْسِ فِيْهَا تَعَارُضٌ مَعَ حَدِيْثِ (وَكِلْتَا يَدِي رَبِّي يَمِيْنٌ) [2] وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1) أَنَّ الإِشْكَالَ بَيْنَ كَوْنِهَا يَمِيْنًا أَوْ شِمَالًا هُوَ بِاْعِتَبارِ المَخْلُوْقِ، أَمَّا اللهُ تَعَالَى فَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَمَا صَحَّ أَنْ يَكُوْنَ مُشْكِلًا فِي حَقِّ المَخْلُوْقِ؛ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُوْنَ مُشْكِلًا فِي حَقِّ الخَالِقِ تَعَالَى. (3)
2) أَنَّ قَوْلَهُ (وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِيْنٌ): مَعْنَاهُ أَنَّ شِمَالَهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَتْ بِأَنْقَصَ مَنْ يَمِيْنِهِ - كَحَالِ البَشَرِ-، فَهِيَ لَا تَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ شِمَالًا، وَدِلَالَةُ ذَلِكَ سِيَاقُ الحَدِيْثِ وَفِيْهِ (فَقَالَ اللهُ لَهُ (أَي لِآدَمَ) - وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ -: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي - وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِيْنٌ مُبَارَكَةٌ -). (4)
وَالأَقْرَبُ - وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - هُوَ التَّوَقُّفُ فِيْهَا لِعَدَمِ ثُبُوْتِهَا مِنْ جِهَةِ صَنْعَةِ الحَدِيْثِ. (5)

[1] قَدْ حَكَمَ عَلَيْهَا الحَافِظُ البَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بِالشُّذُوْذِ فِي كِتَابِهِ (الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ) (139/ 2)، وَعَدَّهَا الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مُنْكَرَةً. الصَّحِيْحَةُ (3136). وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الحَاشِيَةِ قَبْلَ قَلِيْلٍ.
[2] صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (3368) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (5209).
وَهُوَ بِتَمَامِهِ (لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيْهِ الرُّوْحَ؛ عَطَسَ فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللهَ بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ اللهُ يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلَى أُوْلَئِكَ المَلَائِكَةِ - إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوْسٍ - فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيْكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ اللهُ لَهُ - وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ -: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي - وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِيْنٌ مُبَارَكَةٌ - ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيْهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ؛ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ - فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوْبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ -، فَإِذَا فِيْهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ - أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ - قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ؛ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمْرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِيْ كُتِبَ لَهُ. قَالَ: أَيْ: رَبِّ؛ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّيْنَ سَنَةً. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، قَالَ: ثُمَّ أُسْكِنَ الجَنَّةَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى؛ وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لابْنِكِ دَاوُدَ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَجَحَدَ؛ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ؛ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. قَالَ: فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالكِتَابِ وَالشُّهُوْدِ).
(3) وَسُئِلَ الشَّيْخُّ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجَلَّةِ الأَصَالَةِ (ع4، ص 68):
(كَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ رِوَايَةِ (بِشِمَالِهِ) الوَارِدَةِ فِي حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ؛ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَكِلْتَا يَدِيْهِ يَمِيْنٌ)؟
الجَوَابُ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيْثَيْنِ بَادِئ بِدْءٍ؛ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَكِلْتَا يَدِيْهِ يَمِيْنٌ) تَأْكَيْدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ}؛ فَهَذَا الوَصْفُ الَّذِيْ أَخْبَرَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكِيْدٌ لِلتَّنْزِيْهِ، فَيَدُ اللهِ لَيْسَتْ كَيَدِ البَشَرِ (شِمَالٌ وَيَمِيْنٌ) وَلَكِنْ كِلْتَا يَدِيْهِ سُبْحَانَهُ يَمِيْنٌ.
وَأَمْرٌ آخَرٌ؛ أَنَّ رِوَايَةَ: (بِشِمَالِهِ) شَاذَّةٌ؛ كَمَا بيَّنْتُهَا فِي (تَخْرِيْجِ المُصْطَلَحَاتِ الأَرْبَعَةِ الوَارِدَةِ فِي القُرْآنِ) (رَقَم 1) لِلمَوْدُوْدِيِّ.
وَيُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّ أَبَا دَاوُدَ رَوَاهُ وَقَالَ: (بِيَدِهِ الأُخْرَى) - بَدَلَ: (بِشِمَالِهِ) - وَهُوَ المُوَافِقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَكِلْتَا يَدِيْهِ يَمِيْنٌ)، وَاللهُ أَعْلَمُ).
قُلْتُ: وَاُنْظُرْ كِتَابَ (صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الوَارِدَةُ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) (ص385) لِلشَّيْخِ عَلَوِيِّ السَّقَّافِّ حَفِظَهُ اللهُ.
(4) أَفَادَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (534/ 2).
(5) قَالَ الشَّيْخُ الفَاضِلُ عَلَوِيُّ السَّقَّافُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الوَارِدَةُ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) (379):
((أَوَّلًا) القَائِلُوْنَ بِإِثْبَاتِ صِفَةِ الشِّمَالِ أَوِ اليَسَارِ، وَمِنْهُم: الإِمَامُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَصِدِّيْقُ حَسَن خَان، وَمُحَمَّدُ خَلَيْل الهَرَّاسُ، وَعَبْدُ اللهِ الغُنَيْمَانُ، وَإِلَيْكَ أَدِلَّتَهُم وَأَقْوَالَهُم: ... (وَسَاقَهَا).
ثَانِيًا): القَائِلُوْنَ بِأَنَّ كِلْتَا يَدِي اللهِ يَمِيْنٌ - لَا شِمَالَ وَلَا يَسَارَ فِيْهِمَا - مِنْهُمْ: الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي (كِتَابِ التَّوْحِيْدِ)، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالأَلْبَانِيُّ، وَإِلَيْكَ أَدِلَّتَهُم وَأَقْوَالَهُم: ... (وَسَاقَهَا).
التَّرْجِيْحُ: إِنَّ تَعْلِيْلَ القَائِلِيْنَ بِأَنَّ إِحْدَى يَدَي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَمِيْنٌ وَالأُخْرَى شِمَالٌ؛ وَأَنَّنَا إِنَّمَا نَقُوْلُ كِلْتَاهُمَا يَمِيْنٌ؛ تَأَدُّبًا وَتَعْظِيْمًا؛ إِذِ الشِّمَالُ مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالضَّعْفِ؛ قَوْلٌ قَوِيٌّ، وَلَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ؛ إِلَّا أَنَّنَا نَقُوْلُ: إِنَّ صِفَاتِ اللهِ تَوْقِيْفِيَّةٌ، وَمَا لَمْ يَأْتِ دَلِيْلٌ صَحِيْحٌ صَرِيْحٌ فِي وَصْفِ إِحْدَى يَدِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالشِّمَالِ أَوِ اليَسَارِ؛ فَإِنَّنَا لَا نَتَعَدَّى قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كِلْتَاهُمَا يَمِيْنٌ). وَاللهُ أَعْلَمُ)). تَمَّ بِحَذْفٍ دُوْنَ تَصَرُّفٍ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 541
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست