responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 503
الثَّانِي) جَمْعُ النُّصُوْصِ: الاسْتِثْنَاءُ هُنَا يَكُوْنُ بِحَمْلِ الرَّقْمِ عَلَى مَا يَحِلُّ كَصُوَرِ الشَّجَرِ وَالجَمَادِ، أَوِ الصُوْرَةِ المُقَطَّعَةِ وَالَّتِيْ لَا رَأْسَ فِيْهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ أَحَادِيْثَ النَّهْي قَدْ تَنَاوَلَتْ عِدَّةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الثِّيَابِ نُهِيَ عَنِ الصُّوَرِ فِيْهَا كَالسِّتْرِ وَالقِرَامِ وَالوِسَادَةِ، وَهذا الجَمْعُ هُوَ مِنْ بَابِ حَمْلِ المُتَشَابِهِ عَلَى المُحْكَمِ. (1)
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ [2]: (هَذَا يَحْتَجّ بِهِ مَنْ يَقُوْل بِإِبَاحَةِ مَا كَانَ رَقْمًا مُطْلَقًا كَمَا سَبَقَ، وَجَوَابُنَا وَجَوَابُ الجُمْهُوْر عَنْهُ: أَنَّهُ مَحْمُوْلٌ عَلَى رَقْمٍ عَلَى صُوْرَةِ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا). (3)
الثَّالِثُ) يُمْكِنُ القَوْلُ أَيْضًا بِمَا أَوْرَدَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) [4]: (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِيْ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَسَأَذْكُرُهُ فِي البَاب الَّذِيْ يَلِيهِ). (5)

(1) أَفَادَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى وَالرَسَائِلِ (180/ 1).
[2] شَرْحُ مُسْلِمٍ (85/ 14).
(3) وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (439/ 2): (المُرَادُ بِالاسْتِثْنَاءِ: مَا يَحِلُ تَصْوِيْرُهُ مِنَ الأَشْجَارِ وَنَحْوِهَا).
[4] فَتْحُ البَارِي (391/ 10).
(5) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (392/ 10) - عَنْدَ بَابِ: لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيْهِ صُوْرَةٌ -: (وَحَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السُّنَنِ - وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ - أَتَمُّ سِيَاقًا مِنْهُ؛ وَلَفْظُهُ (أَتَانِي جِبْرِيْلُ فَقَالَ: أَتَيْتُكَ البَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُوْنَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى البَابِ تَمَاثِيْلُ، وَكَانَ فِي البَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيْهِ تَمَاثِيْلُ، وَكَانَ فِي البَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِيْ عَلَى بَابِ البَيْتِ يُقْطَعْ فَيَصِيْرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَانِ مَنْبُوذَتَانِ تُوْطَآنِ، وَمُرْ بِالكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ. فَفَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ (إِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوْسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بُسُطًا تُوْطَأُ) وَفِي هَذَا الحَدِيْثِ تَرْجِيْحُ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصُوْرَةَ الَّتِيْ تَمْتَنِعُ المَلَائِكَةُ مِنْ دُخُوْلِ المَكَانِ الَّتِيْ تَكُوْنُ فِيْهِ بَاقِيَةٌ عَلَى هَيْئَتِهَا مُرْتَفِعَةٌ غَيْرُ مُمْتَهَنَةٍ، فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُمْتَهَنَةً، أَوْ غَيْرَ مُمْتَهَنَةٍ لَكِنَّهَا غُيِّرَتْ مِنْ هَيْئَتِهَا إِمَّا بِقَطْعِهَا مِنْ نِصْفِهَا أَوْ بِقَطْعِ رَأْسِهَا؛ فَلَا امْتِنَاعَ.
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُ حَدِيْثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ المَاضِي قِيْلَ: إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ دُخُوْلِ البَيْتِ الَّذِيْ فِيْهِ صُوْرَةٌ إِنْ كَانَتْ رَقْمًا فِي الثَّوْبِ؛ وَظَاهِرُ حَدِيْثِ عَائِشَةَ المَنْعُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ حَدِيْثُ عَائِشَةَ عَلَى الكَرَاهَةِ وَحَدِيْثُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى مُطْلَقِ الجَوَازِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الكَرَاهَةَ. قُلْتُ: وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ؛ لَكِنَّ الجَمْعَ الَّذِيْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْلَى مِنْهُ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ).
قُلْتُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا فِيْمَا سَبَقَ أَنَّ رِوَايَةَ النَّسَائِيِّ المَذْكُوْرَةَ مَرْجُوْحَةٌ مِنْ جِهَةِ التَّخْيِيْرِ.
وَمِثْلُ هَذَا الحَدِيْثِ الَّذِيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا حَدِيْثُ مُسْلِمٍ (2107) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَتْ: (كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيْهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ؛ وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ، فَقَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حَوِّلِي هَذَا فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ؛ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا)، قَالَتْ: وَكَانَتْ لَنَا قَطِيْفَةٌ كُنَّا نَقُوْلُ عَلَمُهَا حَرِيْرٌ فَكُنَّا نَلْبَسُهَا)، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا (2107) بِإِسْنَادٍ نَحْوُهُ (وَكَانَتْ لَنَا قَطِيْفَةٌ؛ كُنَّا نَقُوْلُ: عَلَمُهَا حَرِيْرٌ؛ فَكُنَّا نَلْبَسُهَا؛ فَلَمْ يَأْمُرْنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهِ).
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (87/ 14): (هَذَا مَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيْمِ اتِّخَاذِ مَا فِيْهِ صُوْرَةٌ، فَلِهَذَا كَانَ رَسُوْلُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ وَيَرَاهُ وَلَا يُنْكِرُهُ قَبْل هَذِهِ المَرَّة الأَخِيْرَةِ).
قُلْتُ: وَقُوْلُهَا (وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ كُنَّا نَقُوْلُ: عَلَمُهَا حَرِيْرٌ؛ فَكُنَّا نَلْبَسُهَا؛ فَلَمْ يَأْمُرْنَا رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهِ)؛ يُوْمِئُ أَنَّ كَلَامَهَا كَانَ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تَكُنْ قَدْ سَبَقَ النَّهْيُ عَنْهَا، ثُمَّ أَصْبَحَ مَنْهِيًّا عَنْهَا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 503
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست