responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 495
- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) هَلْ يُلْحَقُ بِالتَّصْوِيْرِ المَنْهِيِّ عَنْهُ التَّصْوِيْرُ الشَّمْسِيُّ (الفُوْتُوْغَرَافِيُّ)؟ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِ عَنِ التَّصْوِيْرِ اليَدَوِيِّ بِأُمُوْرٍ هِيَ:
1) أَنَّهُ مُجَرَّدُ حَبْسٍ لِلظِّلِّ، وَلَيْسَ تَصْوِيْرًا!
2) أَنَّ أَصْلَ الصُوْرَةِ هَذِهِ هِيَ تَصْوِيْرُ اللهِ تَعَالَى! وَالعَبْدُ إِنَّمَا هُوَ نَاسِخٌ فَقَطْ!
3) أَنَّ التَّصْوِيْرَ الفُوتُوغَرَافِيَّ لَيْسَ فِيْهِ مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى؛ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ (كَبْسَةِ زِرٍّ) بِخِلَافِ الرَّسْمِ اليَدَوِيِّ فَهُوَ الَّذِيْ يَقُوْمُ صَاحِبُهُ بِبَذْلِ جُهْدِهِ فِيْهِ وَتَقَصُّدِ المُضَاهَاةِ.
4) أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى صُوْرَة المِرْآةِ وَالانْعِكَاسِ عَلَى وَجْهِ المَاءِ السَّاكِنِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ مِنْهُ تَحْرِيْمَ هَذَا المَقِيْسِ عَلَيْهِ؛ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
وَالجَوَابُ: نَعَمْ؛ يُلْحَقُ بِهِ، بَلْ إِنَّهُ قَدْ يَكُوْنُ أَوْلَى مِنْهُ فِي التَّحْرِيْمِ، وَالرَّدُّ عَلَى مَا سَبَقَ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَوْجُهٍ:
1) عُمُوْمُ النَّهْي فِي الحَدِيْثِ (مَنْ صَوَّرَ صُوْرَةً)، فَقَوْلُهُ (صُوْرَةً) نَكِرَةٌ تَعُمُّ كُلَّ الصُّوَرِ، فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ.
2) أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ سَبَبُهُ المُضَاهَاةُ فَقَط، وَلَكِنَّهُ أَيْضًا ذَرِيْعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ [1]، وَأَيْضًا لِكَوْنِهِ مَانِعًا لِدُخُوْلِ المَلَائِكَةِ إِلَى البُيُوتِ [2]، وَأَيْضًا تَشَبُّهٌ بِالمُشْرِكِيْنَ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَوْجُهِ النَّهْي عَنِ التَّصْوِيْرِ. (3)
وَعَلَيْهِ إِذَا انْتَفَتْ عِلَّةُ المُضَاهَاةِ - جَدَلًا - فَمَا زَالَتْ هُنَاكَ عِلَلٌ أُخْرَى لِلنَّهْي بَاقِيَةٌ.
3) دَعْوَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ حَبْسٍ لِلظِّلِّ! فُيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ تَغْيِيْرَ اللَّفْظِ لَا يُغَيِّرُ حَقِيْقَةَ المَعْنَى، فَإِذَا كَانَ حَبْسُ الظِّلِّ تَنْتُجُ عَنْهُ الصُوْرَةُ؛ فَهُوَ إِذَا تَصْوِيْرٌ، وَهُوَ كَقَوْلِنَا عَنِ الرَّسْمِ اليَدِوِيِّ أَنَّهُ مُجَرَّدُ نَقْلٌ مِنَ الوَاقِعِ - أَوِ الخَيَالِ - إِلَى الوَرَقِ، أَوْ مُجَرَّدُ شَفٍّ لِلصُوْرَةِ المَخْلُوْقَةِ إِلَى الوَرَقِ، أَوْ مُجَرَّدُ تَحْرِيكٍ لِلفُرْشَاةِ عَلَى اللَّوْحَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا مَفَادُهُ تَغْيِيْرُ الأَلْفَاظِ لِلخُرُوْجِ مِنَ الأَحْكَامِ.
4) أَنَّ كَوْنَ أَصْلِ الصُوْرَةِ المُصَوِّرَةِ هِيَ خَلْقُ اللهِ تَعَالَى أَوْ صُنْعُهُ المُبَاشَرُ؛ لَا يُخْرِجُ (النَّاسِخَ!!) عَنْ كَوْنِهِ قَدْ أَخْرِجَ صُوْرَةً، فَإِنْ سُمِّيَ نَاسِخًا أَوْ مُصَوِّرًا فَلَا فَرْقَ، فَالصُوْرَةُ هِيَ فِعْلُ المُصَوِّرِ لُغَةً وَشَرْعًا وَعُرْفًا، أَمَّا مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَالصُوْرَةُ فِعْلُ المُصَوِّرِ [4]، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَقَدْ سَبَقَ فِي الحَدِيْثِ (مَنْ صَوَّرَ صُوْرَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيْهَا الرُّوْحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ)، وَأَمَّا عُرْفًا فَصَاحِبُ دُكَّانِ التَّصْوِيْرِ الشَّمْسِيِّ يُسَمَّى مُصَوِّرًا.

[1] كَمَا فِي مُسْلِمٍ (969) عَنْ أَبِي الهَيَّاجِ قَالَ: (قَالَ لِي عَلِيٌّ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَلَّا تَدَعَ صُوْرَة إِلَّا طَمَسْتَهَا وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا؛ إِلَّا سَوَّيْتَهُ).
[2] كَمَا فِي البُخَارِيِّ (5958) عَنْ أَبي طَلْحَةَ مَرْفُوْعًا (إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيْهِ صُوْرَةٌ).
(3) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (382/ 10): (وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الكَنِيْسَةِ الَّتِيْ كَانَتْ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ وَمَا فِيْهَا مِنَ التَّصَاوِيْرِ؛ وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَانُوا إِذَا مَاتَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيْهِ تِلْكَ الصُّوَرَ. أُوْلَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ) فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي ذَلِكَ الشَّرْعِ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِيْ فَعَلَهُ شَرُّ الخَلْقِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ صُوَرِ الحَيَوَانِ فِعْلٌ مُحْدَثٌ أَحْدَثَهُ عُبَّادُ الصُّوَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
[4] قَالَ فِي المُعْجَمِ الوَسِيْطِ (528/ 1): ((التَصْوِيْرُ) نَقْشُ صُوْرَةِ الأَشْيَاءِ أَوِ الأَشْخَاصِ عَلَى لَوْحٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ نَحْوِهِمَا بِالقَلَمِ أَوْ بِالفُرْجُونِ أَوْ بِآلَةِ التَصْوِيْر، وَ (التَّصْوِيْر الشَّمْسِيُّ): أَخْذُ صُوْرَةِ الأَشْيَاءِ بِالمُصَوِّرَةِ الشَّمْسِيَّةِ).
قُلْتُ: وَ (الفُرْجُوْنُ) هُوَ (المِحَسَّةُ): وَهُوَ مِشْطٌ لَهُ أَسْنَانٌ لِلتَنْظِيْفِ، وَهُوَ بِمَعْنَى فُرْشَاةِ الرَّسْمِ هُنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 495
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست