responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 481
- الفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ) الخَوَارِجُ:
1) تَعْرِيْفُهَا:
هُمُ الَّذِيْنَ خَرَجُوا عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ فِي آخِرِ عَهْدِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ ونتَجَ عَنْ خُرُوْجِهِم قَتْلُ عُثْمَانَ، ثُمَّ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ زَادَ شَرُّهُم، وَانْشَقُّوا عَلَيْهِ، وَكَفَّرُوْهُ [1]، وَكَفَّرُوا الصَّحَابَةَ لِأَنَّهُم لَمْ يُوَافِقُوْهُم عَلَى مَذْهَبِهِم، وَهُمْ يَحْكُمُوْنَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُم فِي مَذْهَبِهِم أَنَّهُ كَافِرٌ.
وَأَبْرَزُ دُعَاتِهَا هُمْ دُعَاةُ التَّكْفِيْرِ بِالكَبِيْرَةِ؛ وَالخُرُوْجِ عَلَى الوُلَاةِ [2] فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
2) نَشْأَتُهَا:
(أَوَّلُ البِدَعِ ظُهُوْرًا فِي الإِسْلَامِ؛ وَأَظْهَرُهَا ذَمًّا فِي السُّنَّةِ وَالآثَارِ: بِدْعَةُ الحَرُوْرِيَّةِ المَارِقَةِ؛ فَإِنَّ أَوَّلَهُمْ [3] قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ: اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ، وَقَاتَلَهُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ). (4)
3) أَبْرَزُ بِدَعِهَا:
أ) عَدَمُ التِزَامِ جَمَاعَةِ المُسْلِميْنَ.
ب) الخُرُوْجُ عَلَى وَلِي الأَمْرِ [5]، وَعَدَمُ طَاعَتِهِ. (6)
جـ) التَّكْفِيْرُ بِالكَبَائِرِ؛ [7] وَأَنَّ صَاحِبَهَا مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ.

[1] كَمَا أَنْشَدَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ الخَارِجِيُّ فِي قَاتِل عَلِيٍّ، فَقَالَ:
(يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بهَا ... إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانًا،
إِنِّي لَأَذْكُرُهُ حِيْنًا فَأَحْسِبُهُ ... أَوْفَى البَريَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيْزَانًا). أَفَادَهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي السِّيَرِ (215/ 4) - عِنْدَ تَرْجَمَةِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ-.
قُلْتُ: وَقَدْ رَدَّ هَذِهِ الأَبْيَاتَ بَعْضُهُم، فَقَالَ:
(يَا ضَرْبَةً مِنْ شَقِيٍّ لَمْ يَزَلْ أَبْدًا ... بِهَا عَلَيْهِ إِلَهُ الخَلْقِ غَضْبَانًا،
إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ اللهَ جَاعِلُهُ ... أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ خُسْرَانًا).
وَقَالَ غَيْرُهُ:
(يَا ضَرْبَةً مِنْ شَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا ... إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ خُسْرَانًا،
إِنِّي لَأَذْكُرُهُ حِيْنًا فَألْعَنُهُ ... لَعْنًا وَأَلْعَنُ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانًا).
[2] أَيْ: بِسَبَبِ الفِسْقِ كَمَا سَبَقَ.
[3] وَهُوَ ذُو الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيْمِيُّ. كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (496/ 28).
(4) مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى (71/ 19).
[5] وَسَبَبُهُ عِنْدَهُم الفِسْقُ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (229/ 12): (وَأَمَّا الخُرُوْجُ عَلَيْهِم وَقِتَالُهُم - (أَيْ وُلَاةُ الأُمُوْرِ) - فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِيْنَ - وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِيْنَ -، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الأَحَادِيْثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالفِسْقِ).
(6) أَيْ عَدَمُ طَاعَةِ الإِمَامِ المُسْلِم إِذَا فَسَقَ، وَهَذَا القَوْلُ مَرْدُوْدٌ بِالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ كَمَا سَبَقَ.
وَأَمَّا الحَاكِمُ الكَافِرُ فَنَقُوْلُ: إِنَّهُ يُطَاعُ فِيْمَا هُوَ مِنَ المَعْرُوْفِ، كَأَنْظِمَةِ المُرُوْرِ وَقَوَانِيْنِ المُؤَسَّسَاتِ العَامَّةِ وَ .... مِمَّا هُوَ ظَاهِرُ فِي المَعْرُوْفِ وَالمَصْلَحَةِ العَامَّةِ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ.
وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ (119/ 7):
(سُؤَالٌ: مَا حُكْمُ سَنِّ القَوَانِيْنِ الوَضْعِيَّةِ؟ وَهَلْ يَجُوْزُ العَمَلُ بِهَا؟ وَهَلْ يَكْفُرُ الحَاكِمُ بِسَنِّهِ هَذِهِ القَوَانِيْنَ؟
جَوَابٌ: إِذَا كَانَ القَانُوْنُ يُوَافِقُ الشَّرْعَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، مِثْلَ أَنْ يَسُنَّ قَانُوْنًا لِلطُّرُقِ يَنْفَعُ المُسْلِمِيْنَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِيْ تَنْفَعُ المُسْلِمِيْنَ - وَلَيْسَ فِيْهَا مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ - وَلَكِنْ لِتَسْهِيْلِ أُمُوْرِ المُسْلِمِيْنَ فَلَا بَأْسَ بِهَا. أَمَّا القَوَانِيْنُ الَّتِيْ تُخَالِفُ الشَّرْعَ فَلَا يَجُوْزُ سَنُّهَا، فَإِذَا سَنَّ قَانُوْنًا يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الزَّانِي، أَوْ لَا حَدَّ عَلَى السَّارِقِ، أَوْ لَا حَدَّ عَلَى شَارِبِ الخَمْرِ، فَهَذَا قَاُنوْنٌ بَاطِلٌ، وَإِذَا اسْتَحَلَّهُ الوَالِي كَفَرَ؛ لِكِوْنِهِ اسْتَحَلَّ مَا يُخَالِفُ النَّصَّ وَالإِجْمَاعَ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ المُحَرَّمَاتِ المُجْمَعِ عَلَيْهَا فَهُوَ يَكْفُرُ بِذَلِكَ.
سُؤَالٌ: كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَ هَذَا الوَالِي؟
جَوَابٌ: نُطِيْعُهُ فِي المَعْرُوْفِ وَلَيْسَ فِي المَعْصِيَةِ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِالبَدِيْلِ).
[7] فِي حِيْنِ أَنَّ أَهْلَ السَّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ نَاقِصُ الإِيْمَانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (مَنْ جَحَدَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَقَدْ كَفَرَ. وَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ؛ فَهُوَ ظَالِمٌ فَاسِقٌ). أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّفْسِيْرِ (357/ 10). وَقَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الصَّحِيْحَةِ (2552): (جَيِّدٌ فِي الشَّوَاهِدِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 481
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست