responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 456
- قَوْلُهُ تَعَالَى {الظَّانِّيْنَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [1] عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}: يَعْنِي: أَنَّ دَائِرَةَ العَذَابِ تَدُوْرُ عَلَيْهِم، وَأَنَّ السُّوْءَ مُحِيْطٌ بِهِم جَمِيْعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَمَا تُحِيْطُ الدَّائِرَةُ بِمَا فِي جَوْفِهَا.
- اسْمُ اللهِ تَعَالَى (الحَكِيْم) مُشْتَمِلٌ عَلَى صِفَةِ الحِكْمَةِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى:
1) حَكِيْمٌ بِمَعْنَى حَاكِمٌ.
2) حَكيْمٌ بِمَعْنَى مُحْكِمٌ لِلأُمُوْرِ.
3) حَكِيْمٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ ذُو الحِكْمَةِ البَالِغَةِ، وَكُلُّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى فَهُوَ لِحِكْمَةٍ، وَنَحْنُ قَدْ نَعْلَمُهَا وَقَدْ لَا نَعْلَمُهَا.
- الأَصْلُ فِي الظَّنِّ: أَنَّهُ الاحْتِمَالُ الرَّاجِحُ - وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى اليَقِيْنِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِيْنَ يَظُنُّوْنَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ} (البَقَرَة:46) أَيْ: يَتَيَقَّنُوْنَ -، وَضِدُّ الرَّاجِحِ: المَرْجُوْحُ، وَيُسَمَّى وَهْمًا. (2)
وَظَنُّ المَنَافِقِيْنَ هُوَ ظَنُّ الجَاهِلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْرِفُ قَدْرَ اللهِ وَعَظَمَتَهُ، فَهُوَ ظَنٌّ بَاطِلٌ مبْنِيٌّ عَلَى الجَهْلِ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوْتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِيْنَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} (آل عِمْرَان:154): الكِتَابَةُ مِنَ اللهِ تَعَالَى نَوْعَانِ: شَرْعِيَّةٌ وَكَوْنِيَّةٌ، وَالفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الكَوْنِيَّةَ وَاقِعَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَقَدْ يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى وَقَدْ لَا يُحِبُّهَا - وَعَلَيْهَا تُحْمَلُ الكِتَابَةُ هُنَا -.
أَمَّا الشَّرْعِيَّةُ فَقَدْ تَقَعُ وَقَدْ لَا تَقَعُ، وَهِيَ مَحْبُوْبَةٌ دَوْمًا مِنَ اللهِ تَعَالَى. (3)
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُوْرِكُمْ}: أَيْ: يَخْتَبِرَ مَا فِي صُدُوْرِكُم مِنَ الإِيْمَانِ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَالإِيْمَانِ بِحِكْمَتِهِ، فَيَخْتَبِرَ مَا فِي قَلْبِ العَبْدِ بِمَا يُقَدِّرُهُ عَلَيْهِ مِنَ الأُمُوْرِ المَكْرُوْهَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَنْ اسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَحِكْمَتِهِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوْبِكُمْ}: أَيْ: إِذَا حَصَلَ الابْتِلَاءُ فَقُوْبِلَ بِالصَّبْرِ صَارَ فِي ذَلِكَ تَمْحِيْصٌ لِمَا فِي القَلْبِ، أَيْ: تَطْهِيْرٌ لَهُ وَإِزَالَةٌ لِمَا يَكُوْنُ قَدْ عَلقَ بِهِ مِنْ بَعْضِ الأُمُوْرِ الَّتِيْ لَا تَنْبَغِي.
وَقَدْ حَصَلَ الابْتِلَاءُ وَالتَّمْحِيْصُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بِدَلِيْلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا نَدَبَهُم الرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلخُرُوْجِ حِيْنَ قِيْلَ لَهُ: {إَنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُم فَاخْشَوْهُم} (آل عِمْرَان:172) خَرَجُوا إِلَى (حَمْرَاءَ الأَسَدِ) وَلَمْ يَجِدُوا غَزْوًا فَرَجَعُوا، {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيْمٍ} (آل عِمْرَان:174).
- (ابْنُ القَيِّمِ): هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرِ بْنِ أَيُّوْبَ بْنِ سَعْدٍ الزَّرْعِيُّ؛ الدِّمَشْقِيُّ؛ أَبْو عَبْدِ اللهِ؛ شَمْسُ الدِّيْنِ؛ مِنْ أَرْكَانِ الإِصْلَاحِ الإِسْلَامِيِّ؛ وَأَحَدُ كِبَارِ العُلَمَاءِ. تَتَلْمَذَ عَلَى شَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّة حَتَّى كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِ، بَلْ يَنْتَصِرُ لَهُ فِي جَمِيْعِ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ، وَسُجِنَ مَعَهُ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَأُهِيْنَ وَعُذِّبَ بِسَبَبِهِ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ مَحْبُوْبًا عِنْدَ النَّاسِ، (ت 751). (4)

[1] قَالَ القُرْطُبيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (234/ 8): (قَرَأَهُ ابْنُ كَثِيْرٍ وَأَبُو عَمْرو بِضَمِّ السِّيْنِ، وَفَتَحَهَا البَاقُوْنَ).
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ: (أَجْمَعُوا عَلَى فَتْحِ السِّيْنِ فِي قَوْلِهِ {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} (مَرْيَم: 28)).
(2) قَالَ الجُرْجَانِيُّ النَّحَوِيُّ (ت 816 هـ) رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (التَّعْرِيْفَاتُ) (144/ 1): (الظَّنُّ: هُوَ الاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مَعَ احْتِمَالِ النَّقِيْضِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي اليَقِيْنِ وَالشَّكِّ، وَقِيْلَ: الظَّنُّ أَحَدُ طَرَفَيِّ الشَّكِّ بِصِفَةِ الرَّجَحَانِ).
(3) وَمِثَالُ الكِتَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ} (البَقَرَة:183).
وَمِثَالُ الكِتَابَةِ الكَوْنِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى {كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيْزٌ} (المُجَادِلَة:21). وَقَوْلُهُ تَعَالَى أَيْضًا {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُوْرِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُوْنَ} (الأَنْبِيَاء:105).
(4) الأَعْلَامُ لِلزِّرِكْلِيِّ (56/ 6).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست