responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 452
- الرِّيْحُ مَأْمُورَةٌ؛ قَدْ تُؤْمَرُ بِخَيْرٍ وَقَدْ تُؤْمَرُ بِشَرٍ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (لَا تَسُبُّوا الرِّيْحَ، فَإِنَّهَا مِنْ رَوْحِ اللهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَالعَذَابِ، وَلَكِنْ سَلُوا اللهَ مِنْ خَيْرِهَا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا) ([1]):
1) فَالخَيْرُ هَوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِيْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ المَاءَ} (الأَعْرَاف:57).
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوْهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِيْنَ} (الحِجْر:22).
2) وَالشَّرُّ هُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهَا: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيْحَ العَقِيْمَ، مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيْمِ} (الذَّارِيَات:42). (2)
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيْحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القَمَر:20). (3)
وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قَالَتْ: (مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ [4]، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ، قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيْحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الغَيْمَ فَرِحُوا - رَجَاءَ أَنْ يَكُوْنَ فِيْهِ المَطَرُ - وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُوْنَ فِيْهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيْحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (الأَحْقَاف:24)). [5] (6)
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ؛ فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ المَدِيْنَةِ هَاجَتْ رِيْحٌ شَدِيْدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيْحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ). فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيْمٌ مِنَ المُنَافِقِيْنَ قَدْ مَاتَ. (7)

[1] صَحِيْحٌ. ابْنُ مَاجَه (3727) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (7316).
(2) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (423/ 7): ((العَقِيْمَ) أَيِ: المُفْسِدَةَ الَّتِيْ لَا تَنْتِجُ شَيْئًا. قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} - أَيْ: مِمَّا تُفْسِدُهُ الرِّيْحُ - إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيْمِ أَيْ: كَالشَّيْءِ الهَالِكِ البَالِي).
(3) قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (ص826): ({رِيْحًا صَرْصَرًا} أَيْ: شَدِيْدَةً جِدًّا {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} أَيْ: شَدِيْدِ العَذَابِ وَالشَّقَاءِ عَلَيْهِم {مُسْتَمِرٍّ} عَلَيْهِم سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوْمًا {تَنْزِعُ النَّاسَ} مِنْ شِدَّتِهَا؛ فَتَرْفَعُهُم إِلَى جَوِّ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَدْفَعُهُم بِالأَرْضِ فَتُهْلِكُهُم، فَيُصْبِحُوْنَ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} أَيْ: كَأَنَّ جُثَثَهُم بَعْدَ هَلَاكِهِم مِثْلُ جُذُوْعِ النَّخْلِ الخَاوي الَّذِيْ اقْتَلَعَتْهُ الرِّيْحُ فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ، فَمَا أَهْوَنَ الخَلْقَ عَلَى اللهِ إِذَا عَصَوا أَمْرَهُ).
[4] قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى رِيَاضِ الصَّالِحِيْنَ (92/ 4): (يَعْنِي لَيْسَ يَضْحَكُ ضَحِكًا فَاحِشًا بِقَهْقَهَةٍ - يَفْتَحُ فَمَهُ حَتَّى تَبْدُو لُهَاتُهُ - وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبَتَسَّمُ أَوْ يَضْحَكُ حَتَّى تَبْدُو نَوَاجِذُهُ أَوْ تَبْدُو أَنْيَابُهُ).
[5] البُخَارِيُّ (4828)، وَمُسْلِمٌ (899).
(6) قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيْحٌ فِيْهَا عَذَابٌ أَلِيْمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} (الأَحْقَاف:25).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (286/ 7): (أَيْ: لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ مُسْتَقْبِلَهُمْ؛ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ عَارِضٌ مُمْطِرٌ، فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ، وَقَدْ كَانُوا مُمْحِلِيْنَ مُحْتَاجِيْنَ إِلَى المَطَرِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيْحٌ فِيْهَا عَذَابٌ أَلِيْمٌ} أَيْ: هُوَ العَذَابُ الَّذِيْ قُلْتُمْ: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِيْنَ}، {تُدَمِّرُ} أَيْ: تُخَرِّبُ {كُلِّ شَيْءٍ} مِنْ بِلَادِهِمْ - مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ الخَرَابُ - {بِأَمْرِ رَبِّهَا} أَيْ: بِإِذْنِ اللهِ لَهَا فِي ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيْمِ} (الذَّارِيَات:42) أَيْ: كَالشَّيْءِ البَالِي. وَلِهَذَا قَالَ: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ} أَيْ: قَدْ بَادُوا كُلُّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ وَلَمْ تَبْقَ لَهُمْ بَاقِيَةٌ، {كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِيْنَ} أَيْ: هَذَا حُكْمُنَا فِيْمَنْ كَذَّبَ رُسُلَنَا، وَخَالَفَ أَمْرَنَا).
(7) مُسْلِمٌ (2782).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست