responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 448
- حَدِيْثُ البَابِ أَوَّلُهُ هُوَ (المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيْفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ). وَالقَوِيُّ هُنَا: أَيْ: فِي إِيْمَانِهِ وَمَا يَقْتَضِيْهِ إِيْمَانُهُ [1]؛ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَالجِهَادِ، وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ، وَالحَزْمِ فِي العِبَادَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
- قَوْلُهُ (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ): فِيْهِ إِرْشَادٌ كَرِيْمٌ إِلَى الاهْتِمَامِ بِمَا يَنْفَعُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) [2]، وَكَقَوْلِهِ (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيْهِ) [3]، وَكُلَّمَا كَانَ النَّفْعُ أَكْبَرُ كَانَ الحِرْصُ أَكْثَرُ.
- قَوْلُهُ (وَلَا تَعْجَزَنْ): العَجْزُ هُنَا مَعْنَاهُ التَّعَاجُرُ وَالكَسَلُ وَالإِهْمَالُ، وَلَيْسَ العَجْزَ الجِسْمِيَّ، فَإِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا عَجَزَ عَجْزًا جِسْمِيًّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ، وَفي الحَدِيْثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَعِيْذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ. (4)
- قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ): فِيْهِ إِرْشَادٌ إِلَى الاحْتِجَاجِ بِالقَدَرِ عِنْدَ المَصَائِبِ [5] - الَّتِيْ لَا كَسْبَ لِلعَبْدِ فِيْهَا - خِلَافًا لِلمَعَائِبِ وَالمَعَاصِي. (6)
- قَوْلُهُ (فَإِنَّ - لَوْ - تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ): عَمَلُ الشَّيْطَانِ هُنَا هُوَ مَا يُلْقِيْهِ فِي قَلْبِ الإِنْسَانِ مِنَ الحَسْرَةِ وَالنَّدَمِ وَالحُزْنِ [7]، وَأَسْوَءُ مِنْهُ مَا يُلْقِيْهِ فِي نَفْسِ العَبْدِ مِنْ مُدَافَعَةٍ للقَدَرِ بِالظُّنُوْنِ وَالأَوْهَامِ، وَإِنْكَارِ أَنْ يَكُوْنَ مَا تَمَّ هُوَ بِقَدَرٍ سَابِقٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَإِنْكَارِ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي أَفْعَالِهِ.
- فِي الحَدِيْثِ بَيَانُ أَرْبَعِ خُطُوَاتٍ عِنْدَ السَّعْي لِلحُصُوْلِ عَلَى المَطْلُوْبِ:
1) الحِرْصُ عَلَى مَا يَنْفَعُ.
2) الاسْتِعَانَةُ بِاللهِ.
3) المُضِيُّ فِي الأَمْرِ، وَالاسْتِمَرَارُ فِيْهِ، وَعَدَمُ التَّعَاجُزِ - أَي: التَّهَاوُنِ وَالكَسَلِ -.
وَهَذِهِ المَرَاتِبُ السَّابِقَةُ كُلُّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنَ العَبْدِ مِنْ جِهَةِ سَعْيِهِ.
4) وَإِذَا حَصَلَ خِلَافُ المَقْصُوْدِ؛ فَهَذِهِ لَيْسَتْ إِلَيكَ، وَإِنَّمَا هِيَ بِقَدَرِ اللهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا قَالَ: (وَإِنْ أَصَابَكَ) فَفَوَّضَ الأَمْرَ إلِى اللهِ تَعَالَى، وَأَمَرَهُ بِقَوْلِ (قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ).
- فِي الآيَةِ الكَرِيْمَةِ {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيْمَانِ} (آلِ عِمْرَان:167) دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ العَبْدَ قَدْ يَكُوْنُ فِيْهِ خَصْلَةُ كُفْرٍ وَخَصْلَةُ إِيْمَانٍ، وَقَدْ يَكُوْنُ إِلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الأُخْرَى؛ وَلَا يَكُوْنُ بَعْدُ كَافِرًا خَارِجًا مِنَ الإِسْلَامِ.

[1] وَبِنَحْوِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (215/ 16).
[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6369)، وَمُسْلِمٌ (2706) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا.
[3] صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2317) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (5911).
(4) كَمَا فِي البُخَارِيِّ (6367)، وَمُسْلِمٍ (2706) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَات).
[5] كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيْبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيْرٌ} (الحَدِيْد:22)، وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيْبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمٌ} (التَّغَابُن:11).
(6) كَمَا يَصِحُّ الاحْتِجَاجُ بِالقَدَرِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنَ المَعْصِيَةِ - كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ - وَسَيَأْتِي قَرِيْبًا ذِكْرُ وَجْهِ ذَلِكَ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ.
[7] كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُوْنَ} (المُجَادِلَة:10)، وَحَتَّى فِي المَنَامِ يُرِيْهِ أَحْلَامًا مُخِيْفَةً لِيُحْزِنَهُ وَيُخَوِّفَهُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 448
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست