responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 432
الشَّرْحُ
- هَذَا البَابُ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الأَبْوَابِ الَّتِيْ فِيْهَا بَيَانُ الأَدَبِ فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ الوَاجِبِ.
- قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ): مَعْنَاهُ: يَا اللهُ، لَكِنْ لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ حُذِفَتْ (يَا) النِّدَاءِ، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِالمِيْمِ، وَجُعِلَ العِوَضُ فِي الآخِرِ تَيَمُّنًا بِالابْتِدَاءِ بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى.
- قَوْلُهُ (اغْفِرْ لِي): المَغْفِرَةُ: سَتْرُ الذَّنْبِ مَعَ التَّجَاوُزِ عَنْهُ; لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ الغَفْرِ: وَهُوَ السَّتْرُ، وَالمِغْفَرُ: هُوَ مَا يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ لِلوِقَايَةِ مِنَ السِّهَامِ فِي الحَرْبِ، وَهَذَا لَا يَكُوْنُ إِلَّا بِشَيْءٍ سَاتِرٍ وَاقٍ. (1)
- العَزْمُ: هُوَ الجَزْمُ فِي الطَّلَبِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَلَا ضَعْفٍ.
- النَّهيُ فِي هَذَا التَّعْلِيْقِ هُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
1) أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَهُ مُكْرِهٌ عَلَى الشَّيْءِ، وَأَنَّهُ قَد يُعْطي العَطَاءَ وَهُوَ مُكْرَهٌ؛ (فَإِنَّ اللهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ)، وَفِيْهِ الدِّلَالَةُ عَلَى كَمَالِ عِزَّتِهِ.
2) أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا الأَمْرَ عَظِيْمٌ عَلَى اللهِ وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلعَبْدِ؛ لِذَلِكَ فَهُوَ يَرْبِطُهُ بِالمَشِيْئَةِ وَلَا يُرِيْدُ أَنْ يُصَعِّبَ عَلَيْهِ؛ (فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاُه) وَفِيْهِ الدِّلَالَةُ عَلَى كَمَالِ مُلْكِهِ وَغِنَاه، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ نَقْصٌ فِي جَانِبِ تَعْظِيْمِ الرُّبُوْبيَّةِ.
3) أنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الدَّاعِيَ مُسْتَغْنٍ عَنِ اللهِ تَعَالَى؛ كَأَنَّهُ يَقُوْلُ: إِنْ شِئْتَ فَافْعَلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَفْعَلْ لَا يَهُمُّنِي، وَهَذَا نَقْصٌ فِي جَانِبِ العُبُوْدِيَّةِ، فَهُوَ مُظْهِرٌ لِضَعْفِ عِبَادَةِ الرَّجَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى. (2)
وَفِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: (بَيْنَمَا أَيُّوْبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ؛ فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوْبُ؛ ألَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟! قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ). (3)

(1) وَفِي الحَدِيْثِ (يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوْبِهِ، فَيَقُوْلُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُوْلُ: أَيْ: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى صَحِيْفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُوْنَ، فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤُوْسِ الخَلَائِقِ: هَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ). مُسْلِمٌ (2768) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا.
وَالشَّاهِدُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الآخِرَةِ يَسْتُرُهُ فـ (يَضَعُ كَنَفَهُ) وَيَتَجَاوَزُ عَنْ ذُنُوْبِهِ.
(2) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (140/ 11): (وَالمُرَادُ: أَنَّ الَّذِيْ يَحْتَاجُ إِلَى التَّعْلِيْقِ بِالمَشِيئَةِ مَا إِذَا كَانَ المَطْلُوْبُ مِنْهُ يَتَأَتَّى إِكْرَاهُهُ عَلَى الشَّيْءِ فَيُخَفِّفُ الأَمْرَ عَلَيْهِ، وَيَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَّا بِرِضَاهُ؛ وَأَمَّا اللهُ سُبْحَانَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلتَّعْلِيْقِ فَائِدَةٌ، وَقِيْلَ: المَعْنَى أَنَّ فِيْهِ صُوْرَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ المَطْلُوْبِ وَالمَطْلُوْبِ مِنْهُ).
(3) صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (3391).
وَقَوْلُهُ (رِجْلُ جَرَادٍ): أَيْ: طَائِفَةُ جَرَادٍ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست