responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 419
[4]) أَنَّ مِمَّا عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَعْمَى أَنْ يَقُوْلَهُ هُوَ (وَشَفِّعْنِي فِيْهِ) [1] أَي اقْبَلْ شَفَاعَتِي؛ أَيْ: دُعَائِي، فَلَو حُمِلَ التَّوَجُّهُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الذَّاتِ وَالجَاهِ لَمَا كَانَ لِقَوْلِ الضَّرِيرِ هَذَا مَعْنَىً، وَأَمَّا لَو حُمِلَ عَلَى الدُّعَاءِ لَكَانَ المَعْنَى وَاضِحًا مُسْتَقِيْمًا؛ أَنَّهُ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى أَنْ تُقْبَلَ شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: دُعَاءَهُ فِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
5) أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ ذَكَرَهُ العُلَمَاءُ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ المُسْتَجَابِ، وَلَو كَانَ المُرَادُ مِنْهُ التَّوَسُّلَ بِالذَّاتِ لَمَا أَوْرَدَهُ عُلَمَاءُ الحَدِيْثِ فِي بَابِ مُعْجِزَاتِ الأَنْبِيَاءِ [2]، فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ دِلَالَةً صَرِيْحَةً عَلَى أَنَّ المَقْصُوْدَ مِنَ الحَدِيْثِ بَيَانُ دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ التَّوَسُّلَ بِالجَاهِ وَالذَّاتِ الَّذِيْ لَا يَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَأَمَّلْ. (3)
6) لَو كَانَ المَقْصُوْدُ مِنْ حَدِيْثِ الضَّرِيْرِ هُوَ التَّوَسُّلُ بِالذَّاتِ وَالجَاهِ لَتَوَاتَرَ عَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ؛ كَيفَ وَهُوَ مِنَ الوَسِيْلَةِ المَأْمُورِ بِهَا - كَمَا يَقْصِدُ بِهِ المُبْتَدِعَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيْلَةَ} - وَحَيثُ أَنَّهُ لَم يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيْلٌ صَحِيْحٌ مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ يَبْدُو جَلِيًّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ المَقْصُوْدُ بِالَحَدِيْثِ، وَالحَمْدُ للهِ.
- فَائِدَة [1]) أمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِيْ وَرَدَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيْخِهِ فِي آخِرِ الحَدِيْثِ وَهيَ (وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ) فَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ. (4)
وَلَو صَحَّتْ لَمْ تَكُنْ دَلِيْلًا عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُوْنَ مَعْنَى قَوْلِه (فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ) يَعني مِنْ إِتْيَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَطَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ وَالتَّوَضُّؤِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ الَّذِيْ عَلَّمَهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُو بِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
- فَائِدَة [2]) أَمَّا الزِّيَادَةُ الثَّانِيَةُ وَهيَ قِصَّةُ الرَّجُلِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَتَوَسُّلِهِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ، وَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانيُّ فِي المُعْجمِ الصَّغِيْرِ وَالكَبِيْرِ [5]، فَهِيَ قِصَّةٌ ضَعِيْفَةٌ مُنْكَرَةٌ. (6)

[1] هَذِهِ الجُمْلَةُ صَحَّتْ فِي الحَدِيْثِ، أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ (17241)، وَالحَاكِمُ (1180) وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهِيَ وَحْدَهَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الحَدِيْثِ عَلَى التَّوَسُّلِ بِالذَّاتِ بَاطِلٌ.
[2] كَمَا فِي كِتَابِ (دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ للبَيْهَقِيِّ) (83/ 6): (بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ دَعَوَاتِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُسْتَجَابَةِ فِي الأَطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ، وَبَرَكَاتِهِ الَّتِيْ ظَهَرَتْ فِيْمَا دَعَا فِيْهِ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِنْ دَعَوَاتِهِ عَلَى طَرِيْقِ الاخْتِصَارِ).
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَنْ رَأَى أَنَّ تَوَسُّلَ الأَعْمَى كَانَ بِذَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ، وَلَا يَزِيْدَ عَلَيْهِ كَمَا نُقِلَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشَّيْخِ العِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى. وَهَذَا هُوَ الَّذِيْ يَقْتَضِيْهِ البَحْثُ العِلْمِيُّ مَعَ الإِنْصَافِ، وَاللهُ المُوَفِّقُ للصَّوَابِ.
(3) كَمَا أَنَّهُ لَو كَانَ السِّرُّ فِي شِفَاءِ الأَعْمَى أَنَّهُ تَوَسَّلَ بِجَاهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْرِهِ وَحَقِّهِ - كَمَا يَفْهَمُ عَامَّةُ المُتَأَخِّرِيْنَ - لَكَانَ مِنَ اللَّازِمِ أَنْ يَحْصُلَ هَذَا الشِّفَاءُ لِغَيْرِهِ مِنَ العُمْيَانِ الَّذِيْنَ يَتَوَسَّلُوْنَ بِجَاهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِ أَحْيَانًا جَاهَ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِيْنَ وَكُلِّ الأَوْلِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ وَجَاهِ كُلِّ مَنْ لَهُ جَاهٌ عِنْدَ اللهِ مِنَ المَلَائِكَةِ وَالإنْسِ وَالجِنِّ أَجْمَعِيْنَ!
[4] وَقَد تَفَرَّدَ فِيْهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ؛ وَخَالَفَ بِذَلِكَ رِوَايَةَ شُعْبَةَ؛ وَهُوَ أَجَلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الحَدِيْثَ.
[5] المُعْجَمُ الكَبِيْرُ (30/ 9)، وَالمُعْجَمُ الصَّغِيْرُ (508).
وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ؛ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ المَكِّيِّ (شَبِيْبِ بْنِ سَعِيْدٍ)، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الخَطْمِيِّ المَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ ابْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: ائْتِ المِيْضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ ائْتِ المَسْجِدَ فَصَلِّ فِيْهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بنبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَتَقْضِي لِي حَاجَتِي - وَتُذَكُرُ حَاجَتَكَ -، وَرُحْ حَتَّى أَرْوَحَ مَعَكَ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ، ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَجَاءَ البَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، فَقَالَ: حَاجَتُكَ؟ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ وَقَضَاهَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَ السَّاعَةُ، وَقَالَ: مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَأْتِنَا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حَنِيْفٍ، فَقَالَ لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ! وَلَكِنِّي شَهِدْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَاهُ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَتَصَبَّر)، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ائْتِ المِيْضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ادْعُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ)، قَالَ ابْنُ حُنَيْفٍ: فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَطَالَ بِنَا الحَدِيْثُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ. حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بْنُ جَعْفَرٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. وَالحَدِيْثُ صَحِيْحٌ؛ (قَالَهُ الطَّبَرانيُّ رَحِمَهُ اللهُ).
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (قُلْتُ: لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الحَدِيْثِ - النَّبَوِيِّ -، وَإِنَّمَا البَحْثُ الآنَ فِي هَذِهِ القِصَّةِ الَّتِيْ تَفَرَّدَ بِهَا شَبِيْبُ بْنُ سَعِيْدٍ كَمَا قَالَ الطَّبَرانِيُّ).
(6) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (وَخُلَاصَةُ القَولِ: إِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ ضَعِيْفَةٌ مُنْكَرَةٌ؛ لِأُمُوْرٍ ثَلَاثَةٍ: ضَعْفِ حِفْظِ المُتَفَرِّدِ بِهَا (شَبِيْبِ بْنِ سَعِيْدٍ)، وَالاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِيْهَا، وَمُخَالَفَتِهِ لِلثِّقَاتِ الَّذِيْنَ لَم يَذْكُرُوْهَا فِي الحَدِيْثِ. وَأَمْرٌ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمُوْرِ كَافٍ لِإِسْقَاطِ هَذِهِ القِصَّةَ، فَكَيْفَ بِهَا مُجْتَمِعَةً؟).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 419
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست